د. محمد عبدالله الخازم
تزداد أعداد المجالس العليا كمجالس الإدارة، الأمناء، الهيئات، الجامعات، الوزارات، وما في حكمها، كجزء مما يعدُّ أنه أداة مهمة للحوكمة، ورسم الاستراتجيات، والرقابة.. وغير ذلك من المهام. ومع كثرة تلك المجالس فهناك حاجة لحضور أدوات القياس، والدراسات المتعلقة بأدائها وتحقيق أهدافها وممارساتها وصعوباتها.. إلخ، والاهتمام بتدريب وتثقيف قياداتها حول أفضل الممارسات في إدارتها وتجويد أدائها..
شركات الأعمال ليست مجال نقاشنا؛ فلها ميزانيات وقوائم مالية للأرباح، وأسهُم للتداول، وبطاقة توازن.. إلخ. لكننا نركز على القطاع الحكومي، وألحظ حاجة بعض مجالسها إلى مهارات إدارة الاجتماعات، واستيعاب مفاهيمها وأهدافها وعلاقاتها مع الجهاز التنفيذي.. إلخ. مكونات جلسات بعضها مجرد الموافقة على القرارات المعدة مسبقًا، أو التوهان في تفاصيل تشغيلية، لا تناسب مفهوم المجلس. هناك حاجة ضرورية إلى آليات واضحة لقياس أداء قادتها وأعضائها؛ وبالتالي إخضاع تعيينهم والتمديد لهم لمعايير موضوعية.
ليس نقاشنا حول الأنظمة، لكن حول طريقة قيادتها وتنظيمها الداخلي. هذا موضوع له دراسات وبحوث، يهتم بها فرسان الإدارة ومنظِّروها، لكن لا بأس من ملاحظات في هذا الشأن.
تركيز جدول أعمال المجلس
يحتاج المجلس الفاعل إلى تجاوز جدول أعمال ثقيل بتصديق القرارات، أو مراجعة القوائم، إلى الأنشطة الاستشرافية الأكثر وجوبًا وأهمية في المجالس، مثل: التخطيط أو النقاش الاستراتيجي، مبادئ تعيين وتعاقب المسؤولين التنفيذيين والإداريين، آليات تحسين الرقابة واستيعاب المخاطر والصعوبات وفَهْم التوجهات الكبرى.. إلخ. مهمة المجلس قيادة المنظومة نحو المستقبل، ودون التفكير بهذا الشكل يفقد المجلس الشيء الكثير من فاعليته وأهميته الكبرى.
المناقشة أساس عمل المجلس
ليس المطلوب من أعضاء المجلس الحضور لإكمال النصاب القانوني أو كمسيرين للعمل. ويجب أن يكون النقاش عالي الجودة حاضرًا في كل اجتماع، وأن تُعزَّز الثقة بين الأعضاء وقيادة المجلس والتنفيذيين؛ إذ إن نقص الثقة يدفع للصمت خشية العواقب. قائد المجلس الذي لا يشجع النقاش، ويعزز الصمت، هو قائد متواضع الكفاءة، ويفتقد الثقة بالنفس. صمت الأعضاء أو الاكتفاء بالتأييد منهم - أحيانًا - دليل على عدم إحساسهم بالمشاركة في المسؤولية.
وضوح التوجيهات
ضَعْف كفاءة إدارة الاجتماع يجعل القائد لا يجيد توجيه ملاحظات واضحة، وتلخيص نقاط الاتفاق والاختلاف، وحسم القرارات بشكل واضح. هناك اجتماعات تنتهي والعضو الحاضر يسأل نفسه كيف حُسمت بعض نقاطه؟! بسبب ضعف الكفاءة في إدارة الاجتماع. وأحيانًا تصدر قرارات لا تُنفَّذ لأنه لم يحدَّد ويوجَّه بشكل واضح مَن المسؤول عن تنفيذها.
الحضور الذهني ومنح المجلس كامل الانتباه
أسوأ ما في اجتماع أي مجلس هو انصراف مديره إلى تليفونه، أو الحديث مع مساعديه، أو خروجه أثناء الاجتماع، أو عدم مراجعة مواضيع النقاش قبل الجلسة، أو عدم الاستماع بنشاط.. إلخ. وقت الاجتماع يجب أن يُحترم بتركيز عالٍ، وقائده نموذج يُحتذى به من قِبل الأعضاء. كلما كان الحضور الذهني للقائد جيدًا ساعد ذلك الجميع على التركيز.