د. محمد عبدالله العوين
تتوسل الجماعات المتطرفة على اختلاف اتجاهاتها بالمنامات لاستقطاب الأتباع والتعمية عليهم وإدخال المنهج الخفي للجماعة في سياق الرؤيا؛ لتمريره وإظهاره مشروعًا (دينيًا) متفقًا عليه بدمغه برؤيا رجل صالح، أو رؤيا أحد الصحابة رضوان الله عليهم، أو حتى قد يمتد الطموح إلى رؤية نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم، ورؤيته حق لا جدال فيه؛ لأن رسولنا الكريم قال «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي». لكن ما يبنى عليه من الأحكام على الرؤيا إن ادعاها أحد أن يكون صادقًا في قوله لئلا يقع في ما نهى عنه الحديث الشريف «إن كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، ثم ألا يرى الرسول الكريم في غير الهيئة الحسنة الجميلة التي عرف بها أو في هيئة مخالفة للشرع، أو أن يسمع الرائي ما يخالف الشرع؛ فتلك الرؤيا ليست رؤية للرسول الكريم؛ بل حلم عابر لا قيمة له ولا يُعتد به، ثم إن المعتبر ألا تؤخذ أحكام ولا تبنى قواعد من الأحلام والمنامات؛ لأن أي رؤيا معرضة لعدم الثبات والتأكد والدقة، وقد أكمل الله تعالى لنا ديننا في الكتاب والسنة.
وقد قص أحد السروريين المهيجين من أتباع منهج جماعة الإخوان المسلمين في تسجيل فيديو مشهور وخلال عشر دقائق تفاصيل رؤياه - كما زعم - للرسول الكريم، وأدخل في قصته مطامع ومطامح تدور في خلده عن جماعته بأنها لم تمكن في الأرض وأنها لا تملك (بيتًا) وأن من تعيش بينهم لم يتيحوا لها فرصة العمل والتأثير، وذلك - كما ادعى - يحتاج إلى واسطة أو شفاعة قربى للحصول على مكان يمكن الانطلاق منه، وهو ما لم يتيسر للجماعة.
ومن قراءة سياق الرؤيا يتبين أنها حديث نفس تعبر عمَّا يختلج في وجدان صاحبها من آمال وما يفكر فيه من مشاريع حزبية، وقد زف إلى مريديه أحلامه مقرونة في سياق رؤيا كل مسلم يتمنى أن يتشرف بها ويرى إشراق وجهه الكريم؛ لأن الشيطان لا يتمثل به، وقد سعى (الإخواني) إلى التعبير عن معاناته من عدم وجود فسحة واسعة لعمله الحزبي - كما زعم - في سياق مقدس يتشرف به كل مسلم؛ ليكون أبلغ في الوصول إلى ملايين المريدين والتأثير في من لم يتأثر بعد بمنهج الجماعة.
وبتتبع (مواعظ) محدثي الجماعة وخطبهم على المنابر نجدها حافلة بقصص خيالية حالمة كاذبة تنبعث من منامات على شبع ثم تتفجر فيها نفوسهم بما تضطرب به من شجون وما تزدحم به من طموحات لتنطلق بها ألسنتهم وكأنها حقيقة لا تقبل المراء!
وسنأتي إلى خرافات عبد الله عزام في كتاب خدع به عشرات الآلاف من أتباع منهجه، ثم نأتي إلى الأحلام والرؤى في أردوغان، والله المستعان. (يتبع)