كنا مساء الأربعاء الماضي في كرنفال احتفائي بتجربة الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي، ذلك الصوت النقدي الثقافي الذي استطاع أن يصنع ذهنية التلقي استقبالاً وإرسالاً، وتأثرًا وتأثيرًا مع التحولات الخطابية والسلوكية كافة بشيء من الوعي.. فجاء تكريم الغذامي يحمل دلالات النضج الثقافي لدى مؤسساتنا الثقافية، وكسر تابوهات عاشتها تلك المؤسسات تحت سلطة تيارات لا ترى إلا ذاتها ودائرتها الضيقة، وفي صورة من صور الأنانية بشيء من الأنا المتورمة بأحادية الاستحقاق من وجهة نظرها.
لقد حاولوا أن يلاحقوا ظل الغذامي وهو يمر في دروبه. عرفناه لا يلتفت للزمن بماضويته، ولسان حاله يقول:
«طقو ظلالي كل ما غبت طقوه
مقدين في ظل هزمكم لحاله
والى عجزتو عن عناده فخلوه
خلوه للي يفهمه ويعباله»
إن الوسط الثقافي يحمد لأدبي جدة هذه الالتفاتة لهذه القامة والقيمة التي هي ذاكرة عطاء متجرد من وَهْم التفرد والأحادية، وقد كان الحضور في ذلك المساء يستدعي ماضيًا، ويصافح حالة من التصالح بصحوة الضمير وأسف اللحظات التي سلبت بعض الاستحقاق في جغرافيتنا. فمن شاهد اللقاء فطن إلى عَبرة سقطت للأعلى من عين الغذامي عندما استطاع أن يجير حالة الانتشاء التي تصاحب فعاليات التكريم إلى استدعاء رواد ورموز الثقافة والأدب في مدينة جدة الذين كان لهم الفضل في صورة ذلك المساء وبهائه.
لقد كان الغذامي لحظتها يحلق بجناحَي الرؤية التي يراها في ولي عهدنا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قائدًا للنور والتنوير وصاحب الرؤية الطموحة التي رسمت ملامح عهد جديد، يتنامى ويتصاعد باتجاه شموس تشرق في حياة الإنسان السعودي في عمومه، والثقافة والأدب في خصوصه.
أشكر لنادي جدة إدارة وأعضاء ولجانًا عاملة ذلك التكريم وذلك الملتقى الذي بلغ عامه السادس عشر، وهو يقرأ تحولات الخطاب في الأدب السعودي في الألفية الثالثة، وكان يراهن على المثقف والأديب السعودي، وبالفعل حقق النجاحات تنظيمًا وإدارة ومنشطًا.. وكل الشكر للمشاركين بحضورهم وأطروحاتهم وتفاعلهم.
** **
- مهدي الزهراني