فهد بن جليد
فكر في الإجابة على السؤال التالي بكل صدق وشفافية: لو اطلعت على أي نوع من أنواع الفساد المالي أو الإداري من باب الصدفة، فهل أنت مُستعد للإبلاغ عن الأمر كواجب ديني ووطني، حماية لأمن المجتمع؟.. أم أنَّك ستفضل السلامة على طريقة المثل القائل (ابعد عن الشر وغني له)؟.. تذكَّر أنَّ إجابتك أياً كانت لن تتجاوز مُخيلتك أنت فقط، وسأكون سعيداً بمجرد تفكيرك بالأمر، وإثارة السؤال في ذهنك؟ لأجعلك تتخيل الموقف الذي ربما تعيشه أو تصادفه يوماً ما في حياتك، وعليك أن تكون مُستعداً للتصرُّف الصحيح الذي يجب أن تقوم به؟.
السؤال طرحته هنا في نهاية 2013م في مقال سابق، وبعد أكثر من 6 سنوات تقريباً مرَّرنا فيها بتجارب مُشرِّفة في ملف مُكافحة ومُحاربة الفساد جعلت بلادنا مثالاً يُحتذى به بين الدول والشعوب، ليُشار لتجرِّبتنا بكل احترام كقدوة لاجتثاث الفساد ومُحاربته.
أعود لأطرح ذات السؤال مرة أخرى لأنَّ كل مِنَّا يجب أن يُفكر فيه بشفافية دائماً؟.. فالأجيال تتعاقب والظروف تتغير، ولكنَّ الشعور للوصول للإجابة النموذجية التي يقتنع ويرضى بها الإنسان، سيبقى هو ذات الشعور بالمسؤولية والحس الوطني الذي يتوقع أنَّه موجود عند الجميع بذات الدرجة في الأصل، وإن تغيَّرت الدرجة لاحقاً لسبب أو لآخر.
هناك من قد يرى أو يطَّلِعُ على أنواع من الفساد التي تمر به، إمَّا بحكم طبيعة العمل، أو من خلال الحديث مع الآخرين، ولكنَّه ربما فضل التعامل مع الموقف بسلبية الصمت والنأي بالنفس، دون اتخاذ أيّ خطوة لكشف وفضح تلك البؤر، إمَّا لعدم فهم الإجراءات وضمانات السلامة، خوفاً من تبعات الإبلاغ وما سيترتب عليه بسبب قصص واهية أو تحذيرات وأحاديث غير صائبة للأقران في المجالس، أو نتيجة لقناعة المُبلِغ بأنّ شيئاً لن يتغير بسبب الصورة النمطية (الخاطئة) التي ما زالت عالقة في أذهان البعض حيال ملف الفساد، لذا دعم المُجتمع الصالح ليكون الفرد فيه (لبنة فاعلة) في القضاء على الفساد ومُحاربته، والاستعداد للتحرُّك بالشكل الصحيح للإبلاغ عن الفساد دون خوف أو تردد، لا يقل أهمية عن كشف حالات الفساد ذاتها، فتوعية الفرد الصالح بواجبه وحقوقه ستبقيه (عيناً ساهرة) للرقابة ومكافحة الفساد، وهو ما نرجو تعزيزه، لنضمن الحصول على الإجابة وردة الفعل الصحيحة للسؤال المطروح أعلاه؟.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،