د. خيرية السقاف
أفسحت منصات التواصل للمتظلمين من رؤسائهم نشر تظلمهم بالصور، والأصوات ما جعل الجهات المعنية تسارع في الإعلان عن حرصها، ومتابعتها في اتخاذ إجراءات ما يتعلق بالشكوى، وتأكيد اهتمامها ومساعيها لحلها..
ولأن هناك قوانين تضبط الشكوى الكيدية، وذات الهدف، والتي تنضوي على تشهير، أو إساءة، فإن هناك أيضاً من التجاوزات في حق المواطن داخل كثير من مؤسسات المجتمع من قبل رؤساء متنمّرين، ما يضطر معه ذو الشكوى لأن يتخذ من الوسيلة الأسرع بعد الصبر منصة لشكواه، وتظلّمه، ولنا مثال حي في حالة الموظف السعودي في شركة تم ذكرها في شكواه وهو على وشك التخرّج في اختصاص الهندسة الكهربائية، حيث واجه ظلم التنمّر والطرد من عمله بعد سبع سنوات من العمل فيها، وهو يعول أماً مريضة، وأسرة تقف على عاتقه، فبسط شكواه عنها، وتداولها الكثير قبل يومين في «تويتر» فعلمت وزارة العمل بحالته، فتحركت لمعرقة حيثيات قضيته، ووعدت بحلها..!
أتخذُ من هذه الحالة نموذجاً للكثير المشابه الذي يردنا لنكتب عنه، أو يصلنا لنسعى من أجل حله، أو نسمع من يفضفض بشكواه إلينا من شبابنا الطموح، أو من نطلع عليه مما ينشر ويذاع من قضاياهم، ما يجعلني أقترح على قادة المؤسسات جميعها بما فيها من المرافق، والمنشآت، والمؤسسات، والشركات، والمكاتب، والمراكز، بأن يقننوا استفتاءً دقيقاً، وشاملاً بشكل دوري، ومستديم، ومتتالٍ كأحد مجريات، وقواعد، وأسس النظام عن «الرؤساء» والهيئة الإدارية والإشرافية، يقوم به كل فرد يعمل فيها من موظفيها يقيّمون به سلوك التعامل معهم من قبل رؤسائهم، وحقوقهم، وبيئة عملهم، وأوضاعهم داخل مواقع عملهم بشكل صريح، وواضح مع ذكر أسمائهم حفاظاً على الحقيقة والصدق، وضماناً لحقهم، من جهة، وحفظاً لسلامة موقفهم من سواهم، ومن جانب آخر تقنين، وتجرد ضوابط اتخاذ قرار استمرار الرؤساء في أعمالهم، أو إقصائهم عنها وفقاً لتقييم موظفيهم موضوعي البنود، ويكون هذا التقييم، مسطرة مقياس مبنية على ما لك، وما عليك بلا خلل، أو تجاوز. فالرؤساء ليسوا جميعهم ضمن حصانة مناصبهم، سعوديين كانوا أو غير، ولا خبراتهم العملية، لكنهم أيضاً تحت حدود نظام يضمن حق كل فرد وإن هو أدنى في التدرج الوظيفي..
فليت وزارة العمل تحديدًا تخضع جميع رؤساء الجهات التابعة لإشرافها، والتقاضي لديها لهذا النوع من الاستفتاء التقييمي، فتبتدر المواكبة قبل أن يصلها صوت المتضررين من رؤسائهم، والمشرفين في معيتهم.