سمر المقرن
إذا أنجبت المرأة طفلاً واحداً عانت واشتكت من تربيته، ولو كانوا اثنين أو ثلاثة أو سبعة لتضاعف مجهودها البدني والنفسي عشرات المرات وأصبحت لا تقوى على رعايتهم جميعاً حتى لو استعانت بعاملة منزلية أو أكثر، فكيف هي يا ترى حياة «مريم ناباتانزي» تلك الأم الأوغندية ذات الـ 40 عاماً التي أنجبت 44 طفلاً؟ الذي تبيَّن أنها تعاني من حالة وراثية نادرة حولتها لماكينة إنجاب لمجموعات متتالية من التوائم 6 ثنائية و4 ثلاثية و5 رباعية لتنال لقب المرأة الأعلى خصوبة في العالم حالياً! لا أستطيع فعلاً أن أتخيل حياة تلك المرأة التي تجتهد السلطات الأوغندية لمنعها من الإنجاب مجدداً رأفة بها وبصحتها وبالشعب الأوغندي ذاته، فكيف تربي وترعى قبيلة الأبناء هذه أو تنفق عليهم؟ وأظن لولا مساعدات أهل الخير في بلدها لعانوا جميعاً من الجوع، بل يساورني الشك في تعرفها عليهم أو التفرقة بينهم حتى لو اعتمدت على فراسة قلب الأم، ناهيك عن خدمتهم والسهر على راحتهم. فـ44 ابناً ليس بالعدد الهين، بل يزيد عن أعداد فصلين في مدرسة كبرى تعاني من ازدحام وتكدس الفصول بالتلاميذ!
وأنا أتابع موضوع الأوغندية تفاجأت أنها ليست الحالة الأولى، إذ يذكر التاريخ طبقاً لموسوعة جينيس للأرقام القياسية حالات لسيدات أنجبن كثيراً في القرن الثامن عشر مثل الروسية فاسلييف 69 طفلاً في 27 ولادة توأمين 16 مرة وأربعة توائم أربع مرات وثلاثة توائم سبع مرات بالإضافة لطفلين ولدا ميتين، وتنافسها سيدة فلسطينية، حيث أنجبت أيضاً 69 طفلاً، وهناك باليرمو الإيطالية وأنجبت 62 ابناً، وشيهاروتا من تشيلي وكانت أما لـ55 طفلاً، والألمانية باريرا سترتسمان وأنجبت 53 طفلاً، وإليزابيث البريطانية وأنجبت 39 طفلاً منهم توأم واحد فقط والباقي منفردين في 36 حالة ولادة طبيعية!
بلا شك شعرت بحالة من التيه في عالم الأرقام الذي ذكرته وكأنني أحصي عدد التلاميذ في فصل مدرسي وليس أبناء أم واحدة وأب واحد! مما يجعلنا نتوقف كثيراً ونقف حائرين غير مصدقين أن هناك أماً تحملت آلام الطلق التي وصفها العلم بأنها تعادل الحرق حياً 27 مرة كل هذه المرات! وبعد المخاض هناك رحلة طويلة وصعبة مع التربية. وبالتأكيد هناك مخاطر صحية كارثية ناجمة عن كثرة الإنجاب. نعم الأبناء نعمة وهبة من الله ولكن مع هذا العدد أظن الحياة ستكون صعبة ليس على الوالدين فقط، بل حتى على الأبناء أنفسهم. وفي اعتقادي أن هناك انخفاضاً في معدل الخصوبة عالمياً مقارنة بالماضي بسبب التغيُّرات المناخية والتلوث البيئي وأسباب عديدة أخرى، ومما يُذكر أن أعلى البلدان خصوبة هي النيجر بنسبة سبعة و6 من عشرة بينما أقلها سنغافورة بنسبة لا تتعدى ثمانية من عشرة فقط. إلا أنني ما زلت أتساءل بدهشة كيف أن الأم الأوغندية التي أنجبت 44 طفلاً ترغب في المزيد؟!