فهد بن جليد
للمرة الثانية خلال أقل من (ثلاثة أسابيع) يقع الآباء وأولياء الأمور في حيرة من أمرهم، بين ذهاب أبنائهم وبناتهم للمدارس أو تغيّبهم عن الدراسة، مع تزايد التحذيرات من موجة البرد الأخيرة الأعنف، ودعوات تعليق الدراسة أو تدخل أولياء أمور الطلاب بمنع ذهاب أبنائهم وبناتهم للمدرسة، يؤكد ذلك أو ينفيه تحرك الوزارة المحدود شمالاً بتأخير الحصة الأولى إلى الساعة التاسعة صباحاً، وهو جهد تُشكر عليه، رغم عدم طمأنتها للطلاب في المناطق الأخرى وسط وشرق المملكة، وتفضيلها الصمت حول الحاجة للتأخير أو التعليق أو بقاء الوضع على ما هو عليه، علماً بأنَّ البرد القارس في الموجة الأخيرة ما زال عالقاً في ذاكرة الصغار، والذي بقي تعليق أو تعطيل الدراسة خلاله (مُتأرجحاً) كقرار شخصي لأولياء الأمور مع إحساسهم بالخوف على صغارهم.
أكبر كذبة يمكن ترويجها في مثل هذه الظروف أنَّ الخواجات لا يعطِّلون الدراسة رغم الأمطار والثلوج والبرد، ودعوات عدم تعليم أبنائنا الكسل والخمول، وهذا كلام غير دقيق - سئمنا سماعه- في سنوات ماضية، فأمريكا، وبريطانيا وعموم أوروبا، ودول شرق آسيا، ومُعظم الدول الصناعية الكُبرى في العالم تُعلِّق الدراسة والعمل ربما لعدة أيام عند الحاجة ولأسباب مُتعدِّدة، كجزء من المسؤولية الطبيعية للحفاظ على سلامة وصحة الصغار، كما أنَّ الأسر هناك أيضاً تتخذ قراراً شخصياً مُماثلاً عند الحاجة دون تردُّد أو تأخر، فالأبوان أقدر وأجدر بتقييم وضع أطفالهما الصحي ومدى تحملهم للتقلبات المناخية، وقد طالبت في (السابع والعشرين) من الشهر الماضي -في مقال هنا- بالتعامل مع غياب الطلاب والطالبات في (هذين اليومين) بروح النظام لا بنصه، وذلك بتفهم السبب (كعذر مقبول) لا يوجب الخصم من الدرجات أو المُساءلة والحرمان، فسلامة الأطفال مسؤولية الجميع، وتقديرات الأبوين لظروف الطقس وتأثيرها على صحة صغارهما من المُبررات التي أتمنى أن تجد لها قبولاً عند إدارات المدارس.
حرج بعض الآباء عند مُحاولة إقناع أطفاله الصغار (بعدم الذهاب للمدرسة) خصوصاً في المرحلتين الابتدائية والتمهيدي بسبب تعلّقهم بالمدرسة، يحتاج لتدخل ودعم من المدرسة نفسها، لأنَّ بعض الأطفال يعتقدون أنَّ الغياب الذي فرضه الأب عليهم سيضر بهم، فيما هو قرار اتخذ لحمايتهم، يوازيه حرص بعض الأسر على ذهاب أبنائها للمدرسة وعدم الغياب بحجة أنَّ الدراسة قائمة ولم يتم تعليقها.
وعلى دروب الخير نلتقي.