عمر إبراهيم الرشيد
هناك إحصائية مبنية على حسابات نسبية تقول إنه لو وقف الشعب الصيني في صف كل بجانب الآخر متشابكي الأيدي لطوقوا الكرة الأرضية ثلاث مرات. فكيف والحال أن بلداً هذا حجم شعبه (1.386 مليار) وفوق هذا يحتل المرتبة الثانية كأكبر اقتصاد في العالم. وهذا هو العالم قد استنفر قواه وإمكاناته تخوفاً من فيروس كورونا الذي أرعب هذا المارد الأصفر، فاتكاً بمئات الضحايا ولا يزال، سنَّة الله في خلقه الذي يري الإنسان ضعفه مهما بلغ من قوة! إضافة إلى ذلك، فلم ينه الله تعالى عن أكل حيوان ما عبثاً، وأنزل في شرائعه وختامها الإسلام تعاليمه بهذا الخصوص مع الحث على نظافة المأكل والمشرب والملبس. المشاهد التي تقذف بها وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية لبعض المناطق في ووهان الصينية وغيرها، وما يتم التعامل به مع شتى الفصائل من الكائنات الحيَّة مخالطةً وأكلاً، هذا الوباء ما هو إلا إحدى نتائجه كما هو الحال مع النسخ السابقة من فيروس الإنفلونزا وهي (سارس) و(إنفلونزا الطيور). وفي الثقافة الصينية ليس هناك تقريباً ما لا يجوز أكله، إذ إن كل ما يمشي على الأرض أو يطير يُؤكل، فهل تدفع هذه الأزمة الوطنية بالنسبة للصين وهذا الوباء الذي كلَّف بورصتها 500 مليار وصرفت حكومتها حتى الآن 200 مليار لتدارك الوباء، هل يدفع هذا حكومة الصين للبدء بتغيير ثقافة الشعب فيما يتعلَّق بمأكلهم ومطبخهم؟ هل تدافع الأمواج الهادرة من الصينيين من الأرياف إلى كبرى المدن دون تغيير في ثقافتهم ووعيهم، وانهماكهم كما حكومتهم في أتون الرأسمالية الصناعية مع بقاء ثقافة المجتمع الزراعي دون كبير تغيير هي ما أفرزت تعاقب ظهور هذا الوباء وغيره مع بدء الألفية الثانية؟ مع وجوب التذكير هنا بأن هذه الحكومة سارعت إلى بناء مستشفيين على مساحة 25 ألف متر مربع واستغرق البناء أسبوعاً واحداً فقط وبعمل تطوعي من الجميع! ألم نقل إن الصين أعجوبة هذا القرن! فيحق للصينيين الفخر بهكذا إنجاز رغم كل شيء. هذا المارد الأصفر، خمس العالم، والذي يحكمه حزب واحد وهو الحزب الشيوعي بقبضته الحديدية، بينما يسير اقتصاده بنظام رأسمالي تقريباً مع توجيه ومراقبة حكومية، هذا المارد آخذ في التمدد عالمياً حتى وصل إلى غابات إفريقيا، بواسطة إحياء طريق الحرير ومشروع بنك آسيا للبنية التحتية الذي استثمرت فيه دول عديدة. إنما القوة الكبرى القادمة خلال هذا القرن قد دوَّخها كائن لا يرى إلا من خلاللمجهر الإلكتروني فاعتبروا يا أولي الألباب!