عقل العقل
وطن بحجم المملكة العربية السعودية تعيش تغيّرات اقتصادية واجتماعية كبيرة في ظل رؤية المملكة 2030 وأبعادها المتنوِّعة في داخل المملكة وخارجها، وطننا عضو مهم في العديد من المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية، هذا العام فقط تترأس بلادنا مجموعة العشرين العالمية والتي تصاحبها الكثير من الفعاليات الاقتصادية التي يفترض أن تحتضنها المملكة وتتوّج بقمة الزعماء لهذه المجموعة أواخر العام الحالي.
هذا الحراك المتنوّع الذي نعيشه الآن هل يعقل أن لا يوجد محطة تلفزيونية رسمية باللغة الإنجليزية تنقله للعالم وهي من أعظم الفرص لتقديم بلدنا للعالم بدون خسائر مالية لو تم التعاقد مع شركات علاقات عامة دولية لتصدير صورتنا للآخر، المملكة لا ينقصها الرؤية الحكيمة ولا القدرات البشرية المؤهلة ولا الأموال للتعجيل بإطلاق قناة تلفزيونية سعودية باللغة الإنجليزية، أن ما يحدث في الفضاء من حروب على العقول لا يقل من حروب فعلية على الأرض، الغريب أن دول ودويلات حولنا لها محطات ناطقة باللغة الإنجليزية وتغطي أمريكا الشمالية مثلاً وتوجد خدماتها على شركات الكيبل الوطنية في دول مثل أمريكا وكندا، وأصحاب هذه القنوات التلفزيونية الموجهة طبعاً لم يؤسسوا قنواتهم لأسباب تجارية، بل لأسباب سياسية واضحة والغريب أن تلك القنوات مثل «الجزيرة» الإنجليزية وقناة «برس تي في» الإيرانية تهاجم المملكة وتفرد مساحات كبيرة لمناقشة قضايانا بشكل منحاز وموجه جداً، فقط أي شخص يقلب الريموت كنترول ليعرف أهمية القنوات التلفزيونية الموجهة لنا من الخارج من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرهم من دول تخاطبنا بلغتنا العربية فلماذا نحن مترددون في إطلاق قناة أو قنوات تلفزيونية ناطقة بلغاتهم، حتى الدول الخليجية المتشابهة معنا في أشياء كثيرة يوجد لديها قنوات تلفزيونية إنجليزية وتتفاوت في الجودة والتأثير ولكنها على الأقل موجودة، قناة «دبي ون» الناطقة باللغة الإنجليزية تأتي في المقدّمة ومن يشاهدها يعرف ماذا يحدث في دبي من فعاليات اقتصادية وثقافية واجتماعية، قد يكون لنا تجربة غير جيدة مع «القناة الثانية» الإنجليزية والتي وصلت إلى حالة ضعيفة جداً قبل إغلاقها وأصبحت عالة ومكلّفة على الوزارة ثم هيئة الإذاعة والتلفزيون مما دعا المسؤولين إلى إغلاقها نهائياً لأكثر من عامين وأصبحنا للأسف بدون ذلك الصوت حتى لو كان ضعيفاً، كان يجب الإبقاء عليها والعمل على تطويرها تدريجياً وكنت أتمني أن تكون تحت إدارة القناة الإخبارية، ولكن سمعنا بعد إغلاقها أن هناك مشروعاً كبيراً لإطلاق قناة سعودية إخبارية باللغة الإنجليزية وذهبت الوفود إلى العواصم الغربية للتجهيز والإعداد ويبدو أن المشروع قد مات أو أجل أوضاع في الإدراج أو بين الوزارات، للأسف البعض يقول إنه في عالم الإعلام الجديد والسرعة والحرية التي يتمتع بها لم نعد نحتاج لمثل هذه القنوات التلفزيونية،لكن أمريكا قائدة العالم وأم الإعلام التجاري لها قناة رسمية تبث بشكل متواصل كل ما له علاقات بالحكومة الأمريكية وهي قناة c-span.
التصدي لهذا المشروع فرصة حقيقة لوزير الإعلام أن يعمل على إنشاء قناة سعودية تلفزيونية رسمية باللغة الإنجليزية بأسرع وقت وأن لا يضيع المشروع في الدراسات والشركات وتحديد الإستراتيجيات ورسالة القناة المملكة هذا البلد العظيم تحتاج إلى قناة أو قنوات تقدمها للعالم كما هي ولا نترك هذه الرسالة للشامتين المتاجرين في قضايانا.