عطية محمد عطية عقيلان
الإنسان يولد غالبًا وهو يملك خمس حواس طبيعية تعد مصدرًا رئيسًا للإدراك والتواصل والتعلم واكتشاف العالم والاستمتاع والمشاهدة، والإحساس بكل ما يحيط بك. وعند وجود نقص أو ضعف أحدها نشعر بمدى أهميتها ونعاني من فقدها، لذا نجتهد في محاولة المحافظة عليها من أي إصابة أو علة ونحاول أن نستهلكها بما هو مفيد وإيجابي حتى لا تتضرر أو تسئ للآخرين. علمًا أن هذه الحواس الطبيعية تتأثر وتضعف نتيجة ما نتعرض له من ظروف عملية وعوارض صحية ومِن تقدم العمر ويُمكن أن نفقِدُ بعضها.
لكننا نعايش في حياتنا أو من خلال قراءة التاريخ سيرة أشخاص يتمتعون ويملكون حواسًا إضافية إيجابية تميزهم عن غيرهم وتخلد ذكراهم وتعطر سيرتهم فحواسهم متنامية ومتصاعدة جراء أفعالهم وأقوالهم، فهم يقدمون يد المساعدة لكل قريب وبعيد ويجودون بما يملكون بحب وسخاء وطيب خاطر وبلا منَة وسيرتهم مليئة بالتسامح والرحمة والسعي في إصلاح ذات البين بين الناس والأقارب والأصدقاء والزملاء وتخفيف الاحتقان وبوجودهم ينشرون الفرح والسعادة والأمل في كل مجلس. نستأنس بحديثهم أو قراءة سيَرهم وترى أثر ما قاموا به من أفعال وأقوال، كما يعرضون تجاربهم وخبراتهم والصعاب التي واجهوها للاستفادة منها والتعلم وتلافي الأخطاء لكي يستفيد منها الجميع حتى لا نتعرض لخسارة الجهد، أو الوقت أو المال. فاستشارتهم وآراؤهم مفيدة وعملية وعن حب وخبرة وبها بعد إنساني وتمنى نجاح للآخرين، لذا يبذلون أقصى طاقتهم في عطاء مستمر وتشعر بالبركة في وقتهم ومالهم وأبنائهم، وترى حب الناس لهم والحرص في مشاركتهم وحضور مناسباتهم، وعند وفاتهم يتوافد آلاف المشيعين طلبًا للرحمة والمغفرة والدعاء لهم، وتبقى ذكراهم خالدة كدهن العود المعتق يبقى أثره في المكان ويدل على صاحبه بمواقفهم الحية التي لا تضعف ولا تموت مع السنين والأيام، وجميعنا وصلنا كرم حاتم الطائي رغم مرور آلاف السنين على وفاته إلا أن سيرته العطرة وكرمه مع ضيوفه نتناقلها وأصبحت مضرب المثل في الكرم مع الضيوف، كما عايشنا قصص الدكتور عبدالرحمن حمود السميط -رحمه الله- وعونه لملايين المحتاجين في إفريقيا وعن عشرات آلاف الحكايات والمبادرات عن عطائه الإنساني وبذل جهده وماله وحياته للعمل الخيري ودون انتظار مردود فقط كإنسان ومسلم أسهم في إسلام ملايين الأشخاص لتبقى وتخلد ذكراه كممارس للعمل الإغاثي ونموذج إنساني يغبطه الكثير.
لذا لنستفيد في حياتنا بما نسمع أو نقرأ أو نشاهد من تجارب ومبادرات ونحرص بالاقتداء والتأثر بهم ونجتهد في كيفية تنمية وكسب حواس إيجابية إضافية مع المحافظة على حواسنا الطبيعية من الضعف أو الخسارة وبذل مزيد من الجهد في السعي بالخير بين الناس ونشر السعادة والتفاؤل والأمل وتقديم يد العون أو الخبرة أو المعلومة التي لا تكلفنا أي خسارة مالية ولنعتبرها منهج حياة ونطبقها في تعاملنا مع الآخرين، ونقدم المساعدة قدر المستطاع خاصة للأقارب والأصدقاء ولتكن نموذجًا محفزًا لهم وسيرة يحتذى بها وحتمًا ستنعكس على حياتنا بشكل إيجابي وتكون ذكرانا عطرة وسيرة جميلة وتكسبنا محبة ودعاء الآخرين وتفعيل وجودنا الإنساني وتعجبني مقولة لنيلسون مانديلا (الشعور بالآخرين حاسة سادسة لا يمتلكها إلا الأنقياء).