مها محمد الشريف
في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أعلن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، إطلاق أول برنامج للابتعاث الثقافي للدراسة في أبرز الجامعات العالمية، في مجالات علم الآثار، والتصميم، والمتاحف، والموسيقى، والمسرح، وصناعة الأفلام، والآداب، والفنون البصرية، وفنون الطهي، وذلك في إطار التطوير الشامل الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة؛ وذلك للمراحل الدراسية «البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه».
وتبعًا لذلك وافق مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال الجلسة التي عقدها في قصر اليمامة على إنشاء 11 هيئة جديدة على أن يترأس وزير الثقافة مجالس إدارتها إلى حين تشكيل مجلس إدارة لكل هيئة، وتفويض وزير الثقافة رئيس مجالس إدارات الهيئات بممارسة اختصاصات تلك المجالس وذلك إلى حين تشكيل مجلس إدارة كل هيئة.
تلك هي على التقريب الحقائق الكبرى التي تعمق غاية القوى الناعمة، فما هي إلا عبارة عن هذا الواقع الفسيح الذي يرينا الناس وهم يرجون مستقبلهم خلاف ما كان في ماضيهم، وهدفًا رئيسًا يعمد إليها العالم في التحولات الكبيرة والعميقة في توازنه وانسجامه، وقال جوزيف س.ناي: «القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية»، وتنشأ الموارد المنتجة للقوة الناعمة إلى حد كبير من القيم والثقافة، ولقد كان وزير خارجية فرنسي سابق قد أشار إلى أن الأمريكيين أقوياء لأنهم يستطيعون إلهام أحلام الآخرين ورغباتهم بفضل اتقانهم للصور العالمية عن طريق الأفلام والتلفزيون واجتذاب الآخرين مما فتح الأبواب للدارسين في جامعاتهم من كل أنحاء العالم.
وليست هناك صعوبة في تعبئة المساحات الخالية بقدر كبير من نشر الثقافة والفنون والعمل على ابتكار وسائل تطبيقها، لأن الحاجة ملحة إلى إستراتيجية ملائمة لحقبة تحولات مستمرة وجديدة ومؤثرة، تُستخدم فيها القوة الناعمة بنجاح نحو إمكانات جديدة للعقل في سياق ثقافي وفكري، وعلاقة وطيدة في المستقبل في ظل معادلة تربط الإنسان بالزمن، وتنطوي على قدر كبير من الأهمية في العصر الحديث تتوج أفكاره بأساليب مبتكرة في بعض جوانب هذه الحضارة.
والمصدر الأساسي لهذه الثروة المفيدة، هو الإنتاج العلمي والإداري والتقني والثقافي من كل تخصص بصورة فريدة، فقد نظمت هيئة الترفيه العديد من الفعاليات الثقافية والموسيقية المتنوعة، حيث أحدث موسم الرياض نقلة نوعية وتحولاً كبيرًا في مفهوم السياحة الداخلية، وكذلك شتاء طنطورة بكل تقنياته التاريخية والفنية، وهذا ما يطلق عليه آمال جديدة تحققت في عالم يضج بالأحداث ويكتب تاريخًا لإطلاق هذه القوة، التي اجتازت عوائق متعددة باستضافة عدد كبير من الفنانين المحليين والعرب والعالميين.
تعتمد قوة هذه المهرجانات بتلبية الدعوات من قبل المشاهير في العالم والحضور الجماهيري الكبير، كأضخم مهرجان للموسيقى الإلكترونية «ميدل بيست» مخزون ضخم من الموسيقى كانت كالنجوم الساطعة في منطقة الشرق الأوسط، الذي شهد مشاركة ما يزيد على مائة فنان عالمي ومحلي في مجال موسيقى «دي جي»، كما يعد تتويجًا لنجاح موسم الرياض الذي تشرف على تنظيمه الهيئة العامة للترفيه.
على هذا النحو تمثل القوة الناعمة أهم تجلياتها في العلاقات الدولية وتحقيق المصالح الوطنية، وزيادة إنتاجية الأعمال بطرق إبداعية ترفع شأن التخصصات وتحول دون العشوائية في الفنون والآداب وجميع التخصصات، وتوظيف لآليات مختلفة إعلامية وقانونية وتعليمية وثقافية للوعي.