عبد العزيز بن ناصر الصويغ
من القواعد الفقهية المعروفة أن «الساقط لا يعود»، ولو أننا طبَّقنا هذه القاعدة سياسيًا على الحالة التركية في وقتنا الحالي تحت رئاسة الرئيس الطيب رجب أردوغان، في هذا الوقت للأسف نجد البعض يتغنَّى بعودة عهد الدولة العثمانية المنهارة منذ ما يقارب 300 سنة ومن ثم أجهز عليها في عام 1924م مؤسس الدول التركية العلمانية الحديثة كمال أتاتورك، حيث قام المؤسس بطمس الهوية العثمانية بالكامل لكي تصبح هوية الدولة هوية تركية بحتة ليس لها صلة بالماضي، وهذا الفعل هو من سنن التكوين الدولي تذهب دول وتأتي دول فلا الشاميون يرون أنهم امتداد للدولة الفينيقية أو الأموية ولا العراقيون يرون أنهم امتداد للبابليين أو الآشوريين أو غيرهم ولا المصريون ينظرون إلى أنهم امتداد للفراعنة، لماذا يحب البعض أن يوجد علاقة بين تركيا والدولة العثمانية وجعل رئيسها كأنه خليفة المسلمين؟ مع العلم أنه يصرِّح بعلمانيته وأن دولته هي امتداد لما أسسه أتاتورك، مظاهر الدول القديمة هي مجرد قيمة سياحية ثقافية تستفيد منها الدول الحديثة اقتصاديًا، فالمصريون على سبيل المثال يرون أن الأهرامات الفرعونية هي مزار سياحي ثقافي دون أن ينصبوا فرعون لهم وكذلك الحال في جميع الدول التي لديها إرث ثقافي من الدول الماضية، ومن المعلوم أنه منذ معاهدة وست فاليا عام 1648م التي أرست القواعد الأساسية لنشأة الدول الحديثة أنهت وجود الدول الإمبراطورية الشمولية التي ليس لها حدود، والمعنى أن دولة الخلافة ذات الحاكم الأوحد ليس لها وجود في وقتنا الحاضر وفي التكوين السياسي الحديث، بينما الموجود الآن هي دول مسلمة تطبِّق شرع الله دون أن يكون لها شكل معين ومسميات معينة ودون مظاهر خداعة وكل دولة هي مسؤولة عن رعاياها، ونحن ولله الحمد في مملكتنا الحبيبة التي هي أرض الحرمين ومهد الرسالة وبداية انطلاقة الخلافة الراشدة، لم نر من حكامنا أياً من المظاهر التقديسية التي يطلقها البعض على دولة تحاول أن توهم البعض من المتعاطفين معها بعودة العهد العثماني حتى لو عن طريق المسلسلات التلفزيونية بينما الواقع لا يمت للماضي بصلة، لذا نؤكد للجميع «أن الساقط لا يعود».