فهد بن جليد
في بداية قيادتي السيارة كنت أعتقد أن إطلاق صوت البوق (البوري) جزءٌ من متطلبات الدوران للخلف، حتى ينتبه كل من قائد السيارة التي أمامي والتي خلفي. حتى عهد قريب كان بوق السيارة (البوري أو الهرن) له استخدامات متنوعة في شوارعنا؛ فهو للتحية وللسلام على شخص، وأحيانًا للفت الانتباه والتحذير، وقد يكون تعبيرًا عن الغضب والسب، وهو عند البعض لطلب الملابس من المغسلة، أو لدعوة العامل لإحضار الفطور من البوفيه، أو الأغراض من البقالة، وربما قام مقام الأهازيج عند فوز المنتخب الوطني أو فريقك المفضل. أذكر أن جيران شارعنا خرجوا مفزوعين بسبب صوت (البوري) المزعج والمتواصل الذي أطلقته عند نجاحي في المرحلة المتوسطة عندما كنا نتعلم القيادة. أما اليوم فالجميع يدرك أن من آداب القيادة عدم استخدام بوق السيارة (البوري) إلا عند الضرورة القصوى؛ لما يسببه من إزعاج للآخرين. كما أن المرور بالمرصاد لمخالفة مَن يستخدمه دون داعٍ أو بغرض إزعاج الآخرين.
المرور في مدينة مومباي الهندية (عاصمة الأبواق) في العالم وجد حلاً للقضاء على إزعاج (منبه) السيارات و»التكتك» والدراجات، وكل وسائل النقل التي تخلف ضوضاء وأصواتًا مزعجة؛ فربطت الإزعاج بمستوى معياري قدره 82 ديسيبل أو أكثر، ينتج عنه تأخير الوقوف عند الإشارة الحمراء التي تضيء بمجرد استخدام (البوري)، وبربط أجهزة قياس معيار الصوت ومستوى الإزعاج قبل إضاءة اللون الأخضر مرة أخرى. والهدف هو الحد من الاستخدام السيئ لصوت المنبه.
أتمنى أن نستفيد من الفكرة الهندية السابقة في استحداث تقنية إلكترونية، تقوم برصد السيارة التي تستخدم (البوق أو البوري) في زحام الصباح الباكر أو عند الظهيرة، وتصويرها بالكاميرا، ومخالفة قائدها على طريقة (ساهر). نحن أحوج ما نكون للهدوء والتخلص من الضوضاء في شوارعنا صباحًا، التي تتحول القيادة في بعضها إلى ما يشبه (صراع السيارات) في مومباي أو القاهرة.
وعلى دروب الخير نلتقي.