د. صالح بن سعد اللحيدان
1/ يُقال أضاف: من الضيافة قولاً واحداً.
2/ ويقال أضاف: يراد زاد شيئاً على شيء.
3/ ويقال أضاف: وضع زيادة نوعية من علم اجتهادي.
4/ ويقال أضاف: جدد في مسألة غير مسبوقة.
5/ وأضاف, ويضيف: المراد واحد على الفعلين (ماضياً ومضارعاً).
6/ والإضافة الزيادة فإن كانت موافقة فكذلك، وإلا كانت من سفاسف القول الزائد.
وأصل الإضافة في الاجتهادات العلمية الشرعية واللغوية والنحوية والطبية والسياسية، وما شئت أن تذكر فاذكر، أنها (نوع من السبق النوعي المضاف تجديداً) بحيث يرى المطلع أنه لم يكن قبل ذلك شيء مثله بضابط التجديد الذي يحتاج إليه الإنسان أبداً,
ولا يُخلط هُنا بين ذلك والرأي أو قوة الملاحظة, أو الزعم بأحادية الطرح؛ فأحادية الطرح ليست تجديداً، لكنها رأي ليس إلا.
ولا يخلط بين اكتشاف المخطوطة والنسخة وأصول الكلام المدون، والإضافة الجليلة, لكن الجهد المبذول في كل هذا جيد ومعتبر في ذاته، ولكنه ليس تجديداً كما يظن بعض العجولين, وذلك كحال تنوع أصول السياسة والقضاء والإدارة والاقتصاد... الخ.
ولعلي أُبيّن في هذا السبيل شيئاً ذا بال ملحوظ عن صفات (المضيف) الذي ينزع نظره وبحثه إلى (الإضافة السباقة).
فمن تلك الصفات التي يحسن في الجملة اعتبارها ما يأتي:
1/ أنه ذو طبع حاد وحساس.
2/ يميل للانزواء كثيراً (وهذا يرتاح إليه).
3/ لا يكاد يعلم عنه ما لم يبحث عنه لميله لحب العزلة بخلاف من يحب البروز؛ فهو يسعى للظهور مع شدة في النقد وصلافة، وبعض الردود المؤلمة.
4/ قلَّ أن يتكلم أو يظهر في (الإعلام) ما لم يجزم عليه ويلح عليه كثيراً.
5/ قليل الحركة والالتفات جداً أثناء اللقاءات البارزة.
6/ لكلامه رونق وثقل مع حدة ظاهرة محببة.
7/ وجد أن كثيراً منهم يساء فهمه، وهذا قد يؤلمه.
............
ولعل مما نظرته منذ أمد ليس ببعيد ما يطرحه (اللغوي الأمريكي) ((تشومسكي))، وهو باحث في (علم اللسانيات)، وله اعتباره المحدود في هذا، ويدعى حسب شهرته عند متابعيه بـ((نعوم تشومسكي))، وكتابه يعرف بـ(البنية المنطقية للنظرية اللسانية).
وهو كتاب قديم قدمه (نعوم) لنيل درجة الدكتوراه من جامعة (بنسلفانيا) في الولايات المتحدة الأمريكية, وهو كتاب تفصيلي جيد ومتنوع لمن يهتم بعلوم اللغة. وزبدة هذا الكتاب (نظرية التوليدية التحويلية)، وقد ادعى ((تشومسكي)) أنها نظريته من خلال هذه الأطروحة.
وقد تمت ترجمة الكتاب من قِبل د. حمزة بن قبلان المزيني.
وقد نافح د. حمزة بن قبلان المزيني منافحة شديدة؛ لعله بسبب الإعجاب من خلال المقدمة أن يكون ((تشومسكي)) قد أخذ في إظهار هذه النظرية من معرفته (بالنحوين العربي والعبري). ومنافحة (المزيني) عن المؤلف، وأنه لم ينطلق من (العربي والعبري)، يغلب عليها العاطفة كثيراً؛ إذ إنه لم يؤصل ولم يقعّد للمسألة جيداً. ومعلوم حسب التتبع لجهود (تشومسكي) أنه مطلع، وقرأ كثيراً كثيراً عن (هؤلاء وهؤلاء)؛ فجاءت رسالته هذه على هذا الأساس، لكن بأسلوب لا تحس منه ذلك. ولكن من لديه خلفية قوية وسامقة يدرك أن المؤلف قد انطلق في بث ونشر هذه (النظرية) من كمال معرفته بالنحوين (العربي والعبري). ما في ذلك شك لمن تدبر ووازن وتعمق.
وليت د. المزيني جعل له خط رجعة حينما كتب المقدمة لهذه الرسالة (رسالة تشومسكي). وكان ذلك جديراً بأن يكون رأيه جيداً في مصاف الكتابات المقبولة طراً. ولو وازنا بين ما كتبه (نعوم تشومسكي) مثلاً وما رآه وطرحه المفكر الأسترالي في دراسته نظرية (سيبويه) النحوية البروفيسور (مايكل كارتر) لوجدنا بوناً شاسعاً بين التجديد والإلقاء والبحث المباشر.
حاول أن تقرأ بعقل وروية وشفافية ما كتبه (مايكل) و(نعوم). حاول وإن كانت الفكرة مختلفة لكن مجرد القراءة يعطيك شيئاً عن العقل والعاطفة وعن الواقعية والإعجاب. وظني بالدكتور (حمزة) أنه يتلمس الحق كما يتلمس الطرح الرزين القوي الجديد.
فلعله يعيد النظر بروية وموازنة وطول نفس قوي جيد متين.
ولعل هذا ينطبق على كل من يترجم عملاً من الأعمال أنه يتحرى المنطق الحر والقسطاس النير القويم. ولعل الجامعات ودور النشر كذلك تسهم في مثل هذا؛ فيكون لها مثلاً تعليق ضروري لما تبثه وتنشره قبل أنه تبثه أو تنشره؛ لأن تراجم الأعمال العلمية الشرعية واللغوية والنحوية، وتراجم الروايات والشعر والطب النفسي وسياسة الدول المعاصرة، كل ذلك لا بد أن تكون ذات ترجمة حرفية بعيداً عن (التجارية).
والمترجم يتطلب منه الدقة وعدم الانسياق بعاطفة أو عجلة، مع ضرورة الاطلاع على ما قيل حول العمل المترجم إذا كانت الترجمة ذات بُعد دراسي تحليلي.