خُذْ مرايا الرُّوحِ
واكسِرْ غُربةِ العُمرِ شَظايا
افتَحِ الكُوَّةَ
للغيبِ الضَّبابيِّ،
ولوِّنْ ما تبقَّى مِن خُطًا والهةٍ،
وامْحُ الخَطايا
عدْ لـ(باشُوت)،
خُذِ الأغنامَ للمرعَى،
وشيِّدْ مُدُنَ الطِّينِ،
وهيِّئْ لِحَمامِ الدارِ أعشاشًا،
وطُفْ مِن (مُهرَة) الخصبِ
إلى شُمِّ (الوَيَايا)
في القُرى
اصعَدْ للسماواتِ،
وغمِّسْ ريشةَ الأحلامِ في أَزْرَقِها،
اثقُبْ لأغاني الشمسِ نَايا
وتَسَلَّلْ
مِثلَ عِطرٍ
في المساريبِ الحمِيماتِ،
وخذْ قَصفةَ رَيحانٍ
لضِحْكاتِ الصَّبايا
كن نبيلًا حينما تَهْوَى
لِكَيْ تَرجِعَ في الليل ِ
وتَحكِي عَن أبي زيدٍ حَكَايا
وتَبَتَّلْ في محاريبِ نَبِيٍّ
يَهَبُ الحكمةَ
والبهجةَ
والشِّعرَ
وخُذْ عنهُ الوَصايا
عُدْ إلى أمِّكَ
وارْشُفْ قَهوةً شَقراءَ
مِن بُنِّ البِداياتِ
فكَفَّاها مِن الفيضِ الإلهيِّ،
وفي رَيحانِها ذاكرةُ الحبِّ،
وأنخابُ السَّجايا
خذْ مَرايا الروحِ
واكْسِرْ غُربةَ العُمرِ شَظايا
أيُّها الطِّفلُ
الذي غادَرَ كالرُّؤيا وغابَا
أيُّها الطفلُ
الذي لم يَبْقَ مِن صورتهِ
إلَّا بكاءٌ
كُلَّما غنَّيتُهُ
يزدادُ بُعْدًا واغتِرابا
( رَزَفَاً) غنِّ لهُ
أوْ غنِّ (طَرْقًا جَبَلِيًّا)
ذابَ في الألحانِ وَجْدًا وعَذابَا
لا أنا أَعرِفُ نفسي الآنَ
لكنْ حكمةُ العُمرِ التي أَلْبَسُها
تُثْقِلُنِي
فأنا وجهٌ إذا أبصَرْتُهُ
أُنكِرُني
أيُّها الطِّفلُ
أعِرْنِي بهجتَكْ
خُذْ نجاحاتي
وأحلامي
وزَيْفي
وأعِرْنِي ضِحْكتَكْ
أيُّها العُمرُ
أَعِدْ لي وجهيَ الأولَ
واسْلُبْ حِكمتَكْ
أيُّها العُمرُ
لقدْ أصبحَ قُدَّامي وَرائي
والمرايا
أنكَرَتْ صُورةَ وجهي
ورَأتْ في تَعَبِ العينينِ
أشباحَ المنايا
رُبَّما
أُولدُ يومًا
في أساطيرِ الحَكايا
رُبَّما أُصبِحُ نايا
... ... ...
هوامش:
1 - (باشُوت)، (مُهرَة)، (الوَيَايا)
أسماء أودية وجبال جنوب المملكة.
2 - (رَزَفَاً)، (طَرْقًا جَبَلِيًّا) ألحان جنوبية.
** **
- محمد أبو شرارة