الجزيرة الثقافية - صالح الخزمري:
في ليلة الاحتفاء به في ناديه، نادي جدة الثقافي، حيث شهد الجميع بما قدمه الغذامي خلال فترة حساسة من عمر النادي، استعان د. عبد الله الغذامي في البدء ببيت من قصيدة لفاروق شوشة واصفًا شعوره في ليلة البهاء:
قد يطاق الجمال فردا ولكن
كل هذا الجمال كيف يطاقُ
عادًا أجمل ما في هذا البيت شطره الثاني..
وقال: سأحمل هذا الجمال فوق هامتي، وأقدمه في باقة لأناس يستحقونه وقد غابوا عنا، كانوا في هذا المكان: عبد الفتاح أبو مدين، محمد حسين زيدان، عزيز ضياء، أبو تراب الظاهري، محمود عارف؛ كانوا في الصف الأول، يأتون أول من يأتي. مشيدًا بوقفاتهم، وبقوتهم المعنوية، وقال: هؤلاء هم الذين صنعوا هذا النادي.
وأشاد بما حققه الأستاذ الراحل عبد الفتاح أبو مدين لنادي جدة الأدبي؛ إذ بجهده تزايد حضور النادي. وعرج الغذّامي على ما عاناه أبو مدين، وكيف تميز بصبره وجلده حتى وصل بالنادي إلى أن صار مع مهرجان الجنادرية في بداياته أهم منبرَين ثقافيَّين في الوطن. كما أن النادي فتح المجال لكل الأصوات فحضرت وحاضرت عبر منصة النادي. وقد كان أبو مدين يبتهج بالحضور هادفًا إلى أن تصل الثقافة للناس، ومشيدًا بما قدمه النادي داخل المملكة وخارجها، وبدور النادي في ملتقى النص الذي ينظِّم دورته السادسة عشرة هذا العام.
وأشاد الغذامي بليالي جدة الثقافية التي كانت منتظمة فترة وجوده في جدة: مساء الأحد: النادي الأدبي، الاثنين: اثنينية عبد المقصود خوجة، الثلاثاء: ثلوثية محمد سعيد طيب والأربعاء: جلسة عند الأستاذ محمود عارف.
وختم د. الغذّامي كلمته المرتجلة بإشادته الواسعة في الفترة الراهنة، وما أُتيح لشباب وشابات الوطن في ظل رؤية 2030، وما تحقق. مشيدًا في الوقت ذاته برؤية صاحب السمو الملكي الأمير الشاب محمد بن سلمان الذي أحدث تغييرات مهمة في الطريق نحو تحقيق أهداف الرؤية، وها نحن - كما أضاف - نشهد في هذا الملتقى بعض نتائجها، والقادم مبشّر بالأفضل.
وقد حظيت الندوة التكريمية بإشادة المشاركين بالدور الريادي الذي قدمه د. الغذامي عبر مسيرته؛ إذ قدم د. أحمد آل مريع للندوة مشيدًا في البدء بمسيرة د. الغذامي الأدبية، وبعلاقته الحسنة حتى مع من اختلفوا معه؛ إذ لم ينتقص ممن انتقدوه، بل كان يترحم على ميتهم. واصفًا الليلة بأنها ليلة استثنائية بكل المقاييس. بعد ذلك بدأت الندوة التي شملت خمس شهادات:
في البدء وصف د. علي تميم الغذامي بأنه نجم لامع، وهو أستاذ النظرية الأدبية، وهذا تخصص دقيق. وكشف عن إنجازاته خلال هذه السنين، وقال: بعد أيام قلائل يبلغ الغذّامي خمسة وسبعين عامًا من عمره الحافل بالإنجازات؛ ليكون قد أمضى نحو خمسة عقود في صحبة النص قارئًا فذًّا، وصاحب رؤية، وسعة اطلاع، مع أن من يلتقيه يظنه لم يتخطَّ الخمسين عامًا؛ فهو يتجدد بتجدد منهجية البحث والقراءة والتأليف والثقافة التي انعكست حيوية وشبابًا. وأضاف د. تميم: كلما صدر للغذامي كتاب تساءلنا هل سيتوقف الغذامي بعد هذا؟ وما يلبث أن يفاجئنا بكتاب آخر.
في حين وقف د. محمد الهدلق على بدايات اللقاء بينهما من خلال كلية اللغة العربية بالرياض في عام 1385هـ، وتحدث عن دراستهما في بريطانيا، ثم العودة للمملكة، والعمل سوية في جامعة الملك عبد العزيز. مشيدًا بدور الغذامي في إنشاء قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز؛ إذ كانت له اليد الطولى في إنشائه.
ووقف الهدلق على البدايات النقدية، وذكر أن إطلالة الغذامي على الساحة النقدية السعودية بدأت عندما كان رئيسًا لقسم الإعلام في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ثم واصل المسيرة عندما تسلَّم رئاسة قسم اللغة العربية بالجامعة، وصار ينتج نتاجًا علميًّا في المجلات العلمية المحكمة، إضافة إلى مساهمات كان ينشرها في الصحف. وقد أتاح له عمله نائبًا لرئيس نادي جدة الأدبي التعرف على عدد من النقاد العرب الذين كان يدعوهم النادي لإلقاء محاضرات فيه. وقد عمل دراسات عن: حمزة شحاتة والدميني والصيخان ومحمد جبر الحربي والقصيبي وحسين سرحان، وغيرهم.
ووصف الغذامي بأنه يمتاز بالإرادة القوية، والجلَد على الكتابة، وتنظيم الوقت، واللغة الفصيحة والجرأة.
واعتبر د. محمد الصفراني في شهادته الغذامي أكبر من المديح، وما يكتبه هو شهادة أدبية، وتنقسم شهادته إلى قسمين:
الأول: سماعي، والآخر شهادة مباشرة. وقال: أما المرحلة السماعية فاسم الغذامي ظهر في حياتي قبل أن ألتقيه شخصيًّا. وتحدث عن سمعته وشهرته خارج المملكة، وأضاف: كنت أتابع وأقرأ كل ما يكتبه في ملحق الخميس في صحيفة الرياض، وأحتفظ بمقالاته بوصفها وثائق علمية، وما إن تجتمع لديّ حتى أفاجَأ بصدورها في كتاب.
الشق الثاني: تحدث عن العلاقة المباشرة بالغذامي عند الالتحاق بجامعة الملك سعود حين أصبح طالبًا لديه.
وعنون الدكتور إبراهيم التركي ورقته بـ(الغذّامي ضد الغذّامي.. قبل الصورة وبعد التصور)، وهي منشورة في هذا العدد.
د. فوزية أبو خالد في كلمتها التي ألقتها نيابة عنها د. فاطمة إلياس أشادت إشادة واسعة بالدكتور عبد الله الغذامي الذي تخصص في اللغة العربية، وكتب في النقد الأدبي الحديث.. وهو رجل عصامي، معلم الشفافية ورمز الأخلاق، كان وسيبقى رمزًا للمثقف. وقد أعقب الندوة مداخلة د. عاصم حمدان الذي وصف الغذامي بأنه عَلَم كبير في تاريخنا الأدبي الثقافي، تُحمد له مبادرته بإنشاء قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز؛ إذ بذل هو ورفاقه جهدًا حتى تحقق ذلك. ورأى الإعلامي عبد العزيز قاسم أن ما يميز الغذامي تلك المواقف التي وقفها مترجمًا دور المثقف الحقيقي كفعل وفاعل، وليس منظرًا أو كاتبًا فحسب، بل هو مثقف حقيقي متواضع، يحاور شابًّا في عمر أحفاده، احتضن المواهب، إنه اسم وطني نفخر به.
وقد حضر الجلسة الافتتاحية التكريمية معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، والدكتور عبدالله صادق دحلان، والدكتور عبدالله مناع، وضيوف النادي. وقد امتلأت قاعة حسن عباس شربتلي في النادي بالحضور.
...........................
- تحدث في حفل الافتتاح رئيس النادي د. عبدالله السلمي و د. عبدالله دحلان رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا- ألقى كلمة المشاركين د. مرزوق بن صنيتان ابن تنباك ووصف الليلة بأنها ليلة وفاء من أهل الوفاء لمن يستحق الوفاء مشيدًا بما يقوم به د. دحلان من دعم للملتقى واصفا د. الغذامي بأنه عَلَم كتب وأبدع واستحق التقدير من الوطن أجمع .
** **
الصور من نادي جدة الثقافي