وتكاد أم القبور أن تكون لصيقة بعنيزة، ولكنها كانت بلدة منفصلة، ولكن قرّبها النمو العمراني وتمدُّد عنيزة التي تقع إلى الشرق من الجامع الكبير بمسافة، وقد سبق لي تحديدها في مقال سابق عن محاذاة طريق حاج البصرة لعنيزة، ونُشر في جريدة الجزيرة في جزأين.
وتقع أم القبور إلى الغرب من عنيزة؛ إذ تبعد عن الجامع الكبير كيلومترًا غربًا تقريبًا، وبأم القبور زراعة وآبار ومبانٍ وقبور قديمة أقدم من عنيزة نفسها التي تستقل بمقابرها الأحدث التي أُنشئت بعد تأسيس عنيزة البلد.
وقد أبعد النجعة الأستاذ محمد بن ناصر العبودي حين اعتبرها الشجا التي هلك فيها الحجاج ظمأ على زمن الحجاج بن يوسف الثقفي. وقد تابع الأستاذ محمد أهل عنيزة في هذا التصور. أما الشجا فهو من منازل الحاج البصري في حفر الباطن، وهو يلي منزل الخرجا. وأخطأ أيضاً الأستاذ عوض بن صالح السرور في كتابه عن حاج البصرة بين النباج والرقعي؛ إذ اعتبر أن الشجا هو أم الشقايا بالكويت. وكيف تكون كذلك وقد حدد البعد إليها من حفر الباطن بثلاثين ميلاً (ما يقارب 60 كيلو) بعد قصير بلال ببرهة؟
ولنعد إلى الخُرج الذي أورد فيه الأستاذ حمد الجاسر في ص 338 من حاشيته على كتاب الطريق لوكيع النص الآتي: (وفى شعر الحطيئة على قوله:
هل التمست لنا إن كنت صادقا
ما نعيش به في الخُرج أو نشبا
قال ابن السكيت: سمعت عمارة يقول: الخرج عن يسار القبلة من اللهابة، لهابة بني كعب ابن العنبر، وهي بأسفل الصمان، اثرم. ويروى: هل سألت لنا: النشب: المال القليل وهو العلقة. وروى الأصمعي: مالا فيسكن بالخُرج أو نشأ أي قرابة تكون معهم. قال أبو عمر ابن الأعرابي: الخرج والخُرج حمين، فأما الخرج فقرية باليمامة، والخُرج بعنيزة خلف القريتين في طريق البصرة إلى مكة (انتهى من شرح ديون البحتري)).
وأم القبور تقع على سمت القادم من جهة العيارية (منزل القريتين)، والمتجه إلى الرايسية التي هي من وجهة نظري الرمادة، ويليها عجلز التي اخترت أنها أم قبر (تختلف عن أم القبور)، والجندلية على طريق حاج البصرة، مع ملاحظة أن أم القبور التي هي من وجهة نظري الخُرج يكتفي الحاج بالمرور بها، وليست منزلاً أو متعشى. فليعلم. ومن وجهة نظري إنها تعتبر نواة للمناطق الزراعية غرب وجنوب غرب عنيزة التي نمت على مر الزمان حتى وصلت إلى ما آلت إليه الآن. والله أعلم.
** **
- عبد الله بن عبد الرحمن الضراب