رمضان جريدي العنزي
الحمد لله أننا نعيش في بلادنا في عصر العلم والكمبيوتر والفضاء والاختراعات المتتالية، عصر النور والعقل والعقلانية، عصر النمو واتساع المدارك، عصر التطور وتزايد التجارب، وتصقيل المعارف، عصر البحث والأبحاث، والاختراع والابتكار، إذ لا سيد إلا سيد العقل، الذي لا يعرف نهاية للمعرفة، بعيدًا عن الخرافة والخزعبلات، والجهل والعتمة والأساطير، والبدائية والكهوفية، والخيالات والأوهام، والعقول النائمة التي لا تفقه، والروايات الملفقة المضللة الباهتة، والبطولات الجاهلية المزيفة، و(الهياط)، والتشبث بذيول الماضي، ومحاولة إحياء مومياواته العتيقة.
إن الدول التي اتخذت من العلم نبراسًا وهدى تقدمت كثيرًا، حتى صارت في مقدمة الطابور والركب، بينما الدول التي اتخذت الجهل عناوين لها صارت في مؤخرة الطابور والركب. دول العلم تتقدم في كل لحظة، بينما دول الجهل في تراجع مستمر. الدول التي تتخذ من العلم منهجًا وطريقة وأسلوبًا نراها منفتحة وعقلانية، وفي تطور مطرد، بينما الدول التي تعتمد الخرافة في نهجها وأسلوبها وطريقة تعاملاتها نراها ضاربة في تخلفها وجهلها، ومنغلقة على نفسها، وترفض الآخر المميز، ولا تعترف بالبحوث العلمية والأكاديمية التي ترتقي بالحياة والناس.
إن الدول التي تقف ضد التحضر والعلم لصالح الأسطورة والخرافة تعيش الردة والتقوقع والنكوص، ولا تعرف التمدد، والرقي والعلو، وترمي الحجر في كل مجرى لتسده. إنها تعيش بطريقة (قروسطية) نسبة للقرون الوسطى، حتى أصبحت ضيفًا ثقيلاً على العصر الحديث. وما يجري في تلك الدول الكهنوتية التي تعيش الخرافة يؤكد ذلك تمامًا؛ فهي في تراجع مستمر، ونظرتها للحياة والعلم قاصرة. لقد حاربوا العلم، وسفهوا أهله؛ وبذلك انحدروا إلى قاع الحياة المكفهر، وسبحوا في سبخها، وغاصوا في وحلها، ولن تقوم لها قائمة مهما حاولت بشدة، وفتلت عضلاتها الواهنة.
إن المستقبل للعلم وأهله. أما الخرافة وأهلها ففي سبات عميق؛ فلا حياة إلا بالعقل الذي وهبنا إياه الله - جل في علاه - وتفعيله؛ فهو الدليل والقائد والربان والمرشد، والطامر للخرافة والأسطورة والخزعبلات والأوهام والتخيلات القاصرة غير النافعة ولا المجدية للحياة الحديثة المعاصرة.