أكدت دراسة علمية حديثة على أن العلا تمتلك من المصادر التراثية الطبيعية ما يؤهلها لتكون إحدى أهم الوجهات العالمية للسياحة الثقافية.
وأشارت الدراسة إلى ما تختزنه المحافظة من مواقع تراثية وطبيعية فريدة، وحددت عددا من المواقع التي ستتحول إلى كنوز تراثية سياحية حال البدء في تأهيلها.
وهدفت الدراسة التي أجراها الباحث مرضي بن سعد الخمعلي ونال بها درجة الماجستير بتفوق من جامعة شيفيلد بالمملكة المتحدة في تخصص إدارة الفنون والتراث الثقافي إلى تقديم وتعريف الجانب الأكاديمي الدولي في الكنوز الثقافية السعودية بشكل عام والعلا على وجه الخصوص، حيث تتناول الدراسة دور المواقع الثقافية والطبيعية في تعزيز التنمية السياحية المستدامة في المملكة العربية السعودية (العلا كدراسة حالة)، وتعبر من الدراسات الأولية في هذا الجانب تحديدا في محافظة العلا. وركزت الدراسة على مراجعة التجارب الدولية في السياحة الثقافية والطبيعية ومواقع التراث العالمي في الدول المجاورة للمملكة مثل مصر والأردن، ودور هذه المواقع في المساهمة الفعلية في الناتج المحلي، وخلق فرص العمل للمجتمعات المحلية، وتعزيز الارتباط الروحي بين الإنسان والمكان.
بالإضافة إلى دراسة التسويق الثقافي من خلال استعراض تجربة هونج كونج في تسويق الثقافة المحلية وتعزيز حضورها على المستوى العالمي، ومدى انعكاس ذلك على العالم الخارجي كرمزية ثقافية.
استخدمت الدراسة نظريات دولية خاصة في إدارة المواقع الثقافية، والتي تم استخدامها في إدارة المواقع الثقافية في عدد من الدول حول العالم.
وركزت الدراسة على خلق درب العلا التراثي الذي يعتمد على استخدام وسائل النقل القديمة التي كانت تستخدم في العلا مثل قوافل الإبل والخيل للتنقل بين المواقع المحددة على مدى ثلاثة أيام، والاستفادة القصوى من الواحات الزراعية كمراكز رئيسية في المسار التراثي المقترح، وتقديم الضيافة المحلية للمنطقة، والوجبات الغذائية، والتي تتضمن تأهيل المزارع التي يمر بها المسار، بالتنسيق بين الجهات ذات العلاقة وأصحاب المصلحة، ويحكي المسار القصص التاريخية للمواقع التي يمر بها بتقديم من السكان المحليين المؤهلين، مما يعكس تجربة استثنائية للزائر، واستخدام التقنيات الحديثة بجميع اللغات للحد من التواجد البشري في جميع المواقع كمقدم معلومات، وتحافظ على سلامة المكان. إضافة إلى تبني صدى التراث، لترسيخ التراث السعودي في فكر الزائر من خلال تقديم المواقع القابلة للزيارة، والفعاليات، وجميع العناصر التي تتيح للزائر الغوص فيها لتكوين انطباع مختلف يساهم في نقل المعرفة والتجربة عن الثقافة السعودية خارج الوطن من خلال الزائر الدولي وتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن المجتمع السعودي وتفاعله مع العالم الآخر بما يمتلكه من مقومات طبيعية وعادات وتقاليد متميزة في الضيافة التي هي من عادات المجتمع. والتعايش الحضاري للمالك السابقة التي عاشت على أرض وادي القرى بمختلف الأزمنة، التي تشير بوضوح إلى الأهمية العالية للموقع الجغرافي للمنطقة بوجود الحياة البشرية، وطرق التجار وقوافل الحجيج في العصر الإسلامي.
كما أشارت إلى الدور الإيجابي في رفع الحس الوطني المحلي لتعزيز حماية هذه المواقع من أي تأثيرات ربما تحدث استمرارا للدور الكبير الذي قدمه سكان المنطقة للحفاظ على المواقع الثقافية والطبيعية كما هي على مر السنوات الماضية، ليكون السكان المحليون هم من يسعى لحمايتها والحفاظ عليها باعتبارها جزء من الهوية الثقافية الوطنية، وتوسع العلاقات بينهم وبين العالم الخارجي.
ومن ضمن مخرجات الدراسة تطبيق السياحة الافتراضية في جبال الهضب الشاهقة التي ربما لا يستطيع الزائر الوصول إليها بشكل دائم، من خلال استخدام التقنية الافتراضية للانتقال بين هذه المواقع بوسائل رقمية والبحث عن المعلومة التي يقدمها التطبيق الافتراضي لإعطاء الزائر التقني مساحة إبداعية ممتعة للبحث عن المعلومة ويتم خلالها تمرير المعلومات التعريفية عن هذه المواقع والمواقع الأخرى المميزة ذات العلاقة. كما اقترحت الدراسة هيكل إدارة خاص في إدارة التراث السعودي يتطابق مع المعايير الدولية التي تعزز من الحفاظ على المواقع الثقافية والطبيعية، وتحفز المجتمع المحلي وأصحاب المصلحة، والجانب القانوني المتمثل في الجهات الرسمية ذات العلاقة، واستخدام المواقع المتميزة كأداة تسويقية للعلا حول العالم مثل قصر الفريد وجبل الفيل. علاوة على ذلك، تقترح الدراسة توسيع الاستفادة من المواقع الطبيعية الملاصقة للمواقع التي تقع في الحدود الإدارية للعلا لأن الهدف تعزيز السياحة كرافد اقتصادي فاعل يساهم في الناتج المحلي وتنويع مصادر الدخل وفق ما تنص عليه رؤية الوطن 2030، وإيجاد وسيلة مناسبة من ربط العلا بمشرع نيوم والبحر الأحمر لتكوين صناعة سياحية متكاملة الأطراف تعتمد على الجودة العالية والقيمة الملموسة للكنوز الوطنية.
ويعتبر الباحث مرضي الخمعلي أول سعودي يتخرج في هذا التخصص من جامعة شيفيلد التي تحتل الترتيب الثالث عشر على مستوى جامعات بريطانيا.