سهوب بغدادي
ما وجه الشبه بين الكلام والشجرة؟ قال تعالى في مُحكم كتابه الحكيم: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}. إنَّ التفكر في آيات الله -جل في علاه- تنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على جميع أمور حياتنا. إن هذه الآية قابلة للتطبيق في العديد من مواطن الحياة. في هذا النسق لفتني حديث سابق لخبير الاستراتيجية الأول في المملكة العربية السعودية سعادة الدكتور سامي الدجوي، عندما قال: «إن الكلمة الطيبة مثل الشجرة الطيبة». تلك الجملة تحمل في جنباتها معاني أسمى وأرقى من ظاهرها. فإن كانت الكلمة الطيبة صدقة، والصدقة نماء متواتر مصداقًا لقول الرحمن الرحيم: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، فالرابط بين الكلام الطيب والشجرة هو النماء والاستمرارية والأثر غير المنقطع، وإن انقطع الأصل فسيبقى الثمر أو الزهر، وفي حال انعدم الناتج فستبقى البذرة الطيبة مصونة في باطن الأرض والقلب.
هل تساءلت يومًا عن مسيرة شخص ناجح؟ ما سبب نجاحه؟ وما الدافع الدفين الذي حمله إلى بر الأحلام؟ بالتأكيد إنها سلسلة من الأمور المتراكبة بشكل مقدر، ولكنني أكاد أجزم بأن هنالك على الدوام كلمة أو جملة داعبت مخيلته، وحملته على مراكب الأحلام؛ ليحقق كل شيء على أرض الواقع.
أيضًا إن من أقوى وأنجع الأساليب السيكولوجية في تربية الأطفال إتيان منهجية التعزيز الإيجابي بالكلام. مثال على ذلك: في حال كان الطفل لا يقبل مشاركة ألعابه مع الآخرين فالطريقة المثلى تكمن في تعزيز مبدأ المشاركة عبر تكرار كلمة «أنت تحب المشاركة، أو أعجبني فعلك عندنا قمت باللعب مع فلان».. وما إلى ذلك. وقس على ذلك.
إن كلمة قد تغيِّر سلوكًا سيئًا في حياة الطفل. فعلى الأرجح إن تأثير الحديث الطيب على شخص ضعيف أو مهموم أو محتاج سيغيِّر أمورًا كثيرة.
(إن كانت العين باب القلب فاللسان مغرفته).