عبد الله باخشوين
هل يجب أن نكتب عن الماضي لنتحرر منه..!؟
أم أن الاستجابة لنداء (المستقبل) ضرورة حتمية؟
هناك شيء (خفي) يريد أن يسحبك من حاضرك.. ويحيلك إلى ماض يقيم فيه.. ويريد أن يوهمك أنك جزء منه ..كـ(الوجه والقفا) خطوة البداية للفيلسوف الوجودي البير كامو.. والمقالات التي أعادها كـ(أعراس) استمد منها كثيرا من أطروحاته التي اشتهر بها في (قفزته الأولى).
العودة للبير كامو .. والسير معه وبه لم تعد مجدية وتخطاها الزمن بمسافة بعيدة وقطع بعدها في حركة التاريخ وتطورها ماجعل من (الفلسفة الوجودية) شيئا من ركام الذكريات.. وجزء من أرشيف الفلسفة والثقافة والأدب.. ويكفي أن (كامو) حصل بموجبها على جائزة نوبل للأدب في عام 1957.. أي بعد مولد معظم أبناء جيلي بسنوات ليست قليلة.. صحيح أن فكره وأدبه وصلنا متأخرا.. لكننا تجاوزناه سريعاً ولا يكاد يوجد من يذكره إلا ذلك المتخلف الذي يريد أن يبقيه في الذاكرة ويريد أن يستحضرك وأمثالك كشاهد عليه.. وكأنه لا يعيش (الآن) أوانه في (دوارة) تاه تماماً إلى الحد الذي يجعله غير قادر على الوصول للزمن الذي نعيشه.. أو ربما يكون (غير محظوظ) ولن يملك الفرصة المناسبة التي تجعله يصل إليه.
إن (لعبة) الزمن سريعة وطاحنة.. وسعيد هو من يستطيع أن يمنع (منخل) ذاكرته من كل ما يظن أنه يمثل أجمل الذكريات.
صحيح أن الاستعادة من الماضي تملك جمالها الخاص لكنها ليست هي (الأقنعة) التي تغطي وجوهنا حتى لا يرانا (المستقبل) بكل ما فينا من تشوهات.. لأن الاستعادة لا تتم إلا للتصحيح والإضاءة منها لا تتم إلا من أجل تفسير غموض ما أو إزالة وهم ما أو تأكيد حقيقة ما.
إننا جزء من المستقبل ما دمنا نتنفس ونحلم.. ونرعي ركض شبابنا فيه حتى ونحن نشعر بالوهن والتعب ونريد أن نكون جزءاً من بعض أحلام شبابنا بما نملك من قدرة على المشاركة.
في حضرة أمي قالت للعتاب أو المزاح الساخر:
- (شبنا، وشاب العارضي، من كثر خلاف السنين)...
وعاشت ما تبقى من عمرها ..وهي تدرك أنها هناك على تلك (الضفة) ترقب من بعيد بعين قانعة لأنها أصبحت على يقين.. أن عبورها للضفة الأخرى أصبح مستحيلاً... ونسأل الله حسن الختام.