د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
مع بداية الستينيات من القرن الماضي بدأت دول التعاون تفكر في استغلال الغاز المصاحب الذي كان يحرق كلقيم لصناعة البتروكيماويات خاصة الأسمدة الأمونيا واليوريا كبداية في تلك الصناعة الأساسية، وبعدما توسعت الدولة في تلك الصناعات وأصبحت ركيزة أساسية للصناعات التحويلية وتتيح فرصًا كثيرة للقطاع الخاص للاستثمار في سلاسل الإمداد والقيمة المضافة وأن تصبح السعودية مركزًا حيويًا ومنصة للخدمات اللوجيستية، فبدأت الدولة تبحث عن الغاز غير التقليدي وكجزء من خطة «أرامكو السعودية» الاستثمارية البدء في إنشاء معمل غاز الجافورة لإنتاج 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز غير التقليدي ولم تكتف بذلك أرامكو بل لجأت إلى شراء 5 ملايين طن من الغاز المسال سنويًا لمدة 20 عامًا بتوقيع صفقة مع الولايات المتحدة مع شركة سيمبرا وتمتلك الشركة نسبة 25 في المائة.
تمر الصناعة بمرحلة تحول إستراتيجي وبمرحلة حاسمة للغاية في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي لم يسبق لها مثيل خصوصًا أنها تعاني من التراجع السريع في أسعار الكيماويات العالمية منذ منتصف 2014 وزيادة أسعار اللقيم المحلية وظهور منافسة عالمية وهو ما جعل «سابك السعودية» تمنى بخسارة في الربع الرابع في 2019 لأول مرة منذ عقود وتراجعًا في الأرباح بنحو 74 في المائة نتيجة زيادة المعروض العالمي وانخفاض متوسط أسعار بيع المنتجات.
فهي تحتاج إلى الصمود في وجه التحديات ولكنها في نفس الوقت ستحقق لها فرصًا على المدى الطويل، وعليها أن تتجه نحو الكيميائية الأساسية والكيمائية السلعية مع قدر أكبر من الصناعات الكيمائية المتخصصة لتعزيز قدرتها التنافسية وهو يعد أمرًا غاية في الأهمية ليس فقط لتأسيس قاعدة صناعية تحقق قيمة مضافة كبيرة بل كذلك لزيادة الصادرات غير النفطية، وبدأ قطاع البتروكيماويات باستقطاب 5 شركات عالمية جديدة لإنشاء مصانع متخصصة بملياري دولار، وأفصحت سابك أن 55 في المائة من الطاقات الإنتاجية للكيماويات تدار بنظام الشراكة وهي أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 25 في المائة.
بلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية في قطاع البتروكيماويات الخليجي خلال 2018 نحو 177 مليون طن نصيب السعودية 68 في المائة من الإنتاج ونحو 78 في المائة من الإيرادات.
حيث تأتي أهمية هذه الصناعة بعد التطوير الباهر في مجال المواد الكيماوية في الأعوام العشرة الماضية، فمن المباني والطائرات والسيارات مليئة بالمواد التي تم تطويرها في العقود الأخيرة فمحتواها يتكون من المواد البلاستيكية إلى البوليمرات والبطاريات يأتي جميعه من المواد الكيماوية هذا يخلق سوقًا كبيرة حيث لدى «أرامكو السعودية» مشروع مشترك مع داو كيميكال لبناء مجمع تصنيع بقيمة 20 مليار دولار في الجبيل تم توقيعه في 2017.
حتى «سابك» بدأت في إنتاج سلسلة عالمية لتحسين التغليف وتعزيز إنتاجية المواد المرنة لتعزيز المحتوى المحلي في الإنشاءات بـ9 عقود حيث تمتلك هذه السلسلة مزايا تنافسية في المستقبل بالنظر إلى الحاجة الشديدة للموازنة بين معدل الاستهلاك المتزايد وتعزيز الوعي بشأن الاستدامة، حيث طورت «سابك» سلسلة كوهير وهي عبارة عن بلاستومر بولي أوليفين عالي الجودة حيث تم تعزيز قدرتها على توفير إمكانات فائقة لإحكام عملية التغليف بما يسهم من عملية في الحد من تلوث المنتجات وزيادة عمرها الافتراضي.