عبد الرحمن بن محمد السدحان
بدءًا، الإنسان السوي تعبير بديع لعبقرية الخالق.. تكوينًا وسموًا، وهو خلاصة عجيبة لثالوث الأزل: العقل والروح والمادة!
* فأما الأول والثاني.. فهما سر إنسانية المرء، وهما إرثه وتراثه.
* وهما نوره وناره!
* وأما المادة.. فهي الوعاء الذي (يؤوي) هذا الكيان إلى أجل مسمى في (ذاكرة) القدر، قبل أن تصعد الروح إلى بارئها!
* * *
* فإذا خضنا في أديم الأرض، استقبلتنا مشاهد مشينة في سلوك بعض البشر:
* تصدمك حسًا وإحساسًا..
* تحرج فيك فضيلة القدوة والأسوة والمثل الصالح..
* تجرح تفاؤلك بإنسانية الإنسان..
* تغريك بالتمرد على ظنك السوي في بعض من تتعامل معهم من البشر..
* تعيق بصيرتك عن فهم السبب الرابض وراءها، إن وجد لها سبب، وتعوق قدرتك على (الاعتذار) لأصحابها إن توفرت لك علة له، تفهمًا لها!
* * *
* وفيما يلي أمثلة لبعض تلك الشواهد:
* هناك مخلوق يتصدر المجلس ناقدًا كل شيء، ناقمًا على كل شيء، زاعمًا العلم بكل شيء!
* لا يعجبه عجب.. ولا يسره قول ولا فعل!
* غيره الخصم.. وهو أبدًا الحكم!
* يتشاءم.. فيوغل في التشاؤم..
* ويتفاءل.. فيكون (طوبائيًا) مغرقًا في المثالية، أما إذا رأى أو سمع ما (ينكره) من أمور البشر، غرق مجددًا في لجة التشاؤم!
* * *
* وآخر يمارس (الانتحار النفسي) كل يوم مائة مرة، فإذا حاورته عن (الحل) لما يراه عوجًا في هذا الشأن أو ذاك، أمطر سمعك بقذائف من «طوبائية» القول.. لا تدري بأيها تبدأ.. أو تصدق! وتعجب إن كان هذا المخلوق ينتمي إلى مجموعة كوكبنا الأرضي أم أنه قادم من كوكب آخر، تحاول عبثًا (أن تفند) قوله ناقدًا أو معلقًا تعليقًا يقطر براءةً، عسى أن يلامس بذهنه وظنه أديم الأرض من جديد.. أو يفكر ويتدبر كما يفعل الأسوياء من أهل الأرض!
* * *
* وتراه يمشي الهوينى كالطاووس، بل قد يكون أشد منه تيهًا!
* يحاول جهده أن (يستفز) بصرك بـ(أهميته)، تارةً بالزي، وأخرى بالإفراط في التوشح بالروائح الزكية، وثالثة بالكلام، ورابعة بالفعل، الذي قد ينكر بعضه الطبع السليم!
* * *
ختامه دعاء:
* اللهم اجعل هذا الوطن آمنًا قويًا مطمئنًا بحكمه وشعبه، وانصره بشريعة الحق، وشد أزره بولاء ووفاء أبنائه وبناته لدينهم ثم لوطنهم وولاة أمرهم.
* اللهم زد بلادنا عزًا مع عزها، وأجعل أفئدةً من أبنائها وبناتها تأوي إليها فلا تخونها سرًا أو علنًا، قولاً أو عملاً!
* * *
* اللهم امنحهم جميعًا الهدى واليقين كي يبصروا ما هم فيه، ويتعلموا أن مشوار الإصلاح.. يبدأ بطهارة القلوب من الفتن، ونقاء الضمائر من الغل، وصلاح العقول من رجس الفكر المشبوه!
* * *
* اللهم أرهم الحق حقًا وارزقهم إتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وجنبهم إياه، وهب لهم من لدنك الحكمة والبصيرة والقدرة على التمييز السوي بين الأمور فيتبعوا منها أحسنها!
* اللهم دلهم إلى سبل العقل والرشاد، كي يدركوا أن الإصلاح المنشود لا يمر من فوهة مدفع، لكنه ينطلق من القلب معززًا بمباركة العقل، ويكون حرًا صادقًا مخلصًا ومؤثرًا!