حمد بن عبدالله القاضي
إضاءة:
- لكل إنسان- كما يقول علماء النفس- مفتاح لشخصيته ومفتاح معالي الراحل م. عبدالعزيز بن عبدالله الزامل رحمه الله «خطاب المحبة للجميع» كأن الشاعر يعنيه:
طوبى لمن جعل المحبة جدولا ً
وسقى أحبتهُ فطاب وطابوا
الحب لدينه – وطنه – مواطنيه – أهله – أصدقائه
وهو ذلك الحب الصادق الذي يحفز على العطاء والنجاح.
سمات شخصيته:
- الوفاء إحدى أيقونات حياته،
تَجسَّد هذا الوفاء لوطنه فقد أعطى وأبدع بكل منصب تولاه: مركز الأبحاث وزارة الصناعة والكهرباء/ الشركات التي تولاها.
- الوفاء لجذوره وديرة آبائه وأجداده محافظة «عنيزة» وترجم ذلك مع إخوته وأسرته بإقامة المشروعات الخيرية والتنموية التي تخدم عنيزة وأهلها. منها:
- مول عنيزة الذي أحدث نقلة تسويقية فيها.
- سوق المسوكف التراثي
- شركة عنيزة الوقفية
- واحة عبدالله حمد الزامل للعلوم
-- وفاؤه لأصدقائه:
- وفاؤه لصديقه وزميله د. غازي القصيبي كأنموذج وتمثل ذلك بعد وفاته بدعوته ومشاركته بتأسيس كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية والدعم المالي له، ثم أصبح رئيس هيئته الاستشارية وظل داعما له ماديا ومعنويا.
***
حب الخير والرحمة بقلبه:
- هذا الجانب لا يظهره لكن علمت من خاصته كيف أنه ينفق الكثير دون أن تعلم شماله عما أنفقت يمينه، جعل الله له هذا الخير أجراً موفوراً له ولعله لقي وجه ربه كما وعد الله المحسنين «لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ».
-هدفه الإنساني وقصة اقتراحه تأسيس بنك الإنماء للمواطنين.
- بدافع إنساني ونفع لإخوته المواطنين جاء اقتراحه بإنشاء بنك الإنماء للمواطنين عندما رفع عنه للملك عبدالله رحمه الله تأسيس بنك للمواطنين يساهم فيه كل من يرغب منهم بأي أسهم وخاصة ذوي الظروف المادية المحدودة ووافق الملك عبدالله وتم طرح البنك وأسهم فيه عدد كبير من المواطنين وتم اختياره رئيسا لمجلس إدارته وقد أصبح المساهمون يحصلون على نصيب من أرباحه فضلا عن دعمه الصناديق الوقفية والمشروعات التي تعود بالمنفعة على كافه أبناء الوطن ومؤسساته الاجتماعية.
وكان يتابع كل أمر فيه وحريص على تحقيق أهدافه ويروي أ/عبدالمحسن الفارس الرئيس التنفيذي للبنك أنه يتابع رحمه الله بشكل شبه يومي شؤون البنك فالبنك هدفه تحقيق دخول إضافية للمواطنين من ذوي الدخول المحدودة وهذا أهم سبب لاقتراحه له وقيامه.
***
شركة عنيزة للتنمية:
- دعا إلى إنشاء شركة للتنمية لإقامة المشروعات التنموية بعنيزة وعندما قامت الشركة رأى أنه لكي تستمر لابد من دعمها بأوقاف فتم تأسيس هيئة أوقاف لها ترأسها وسعى لمزيد من الأوقاف للشركة ومن حرصه عليها حتى وهو مريض بالخارج كان كما روى لي أخي أ. محمد بن أحمد الزامل عضو هيئة الأوقاف يتابع أعمالها رحمه الله.
-- إنشاء بنك الإنماء ومشاركة المواطنين فيه:
- هذا البنك كان الهدف من إنشائه مساهمة كافة المواطنين فيه حيث رفع مقترحا للملك عبدالله رحمه الله لإنشاء هذا البنك فوافق الملك وتم طرح 70% من أسهمه للمواطنين وتحديد أسهم محددة لكل مساهم لكي يساهم أكبر عدد ممكن من الناس فيه وبخاصة متوسطي الحال.
- وفي فضاء العطف كان محبا ورحيما بالأطفال وخاصة أحفاده لذا بكوه كثيرا بعد وفاته.
وكان رحيما بمن يعمل عنده سواء ببيته أو عمله، ونقل لي أخي العزيز د. فهد الثميري زوج إحدى كريماته أن عاملة بمنزله عندما تقدَّم بها العمر أبقاها في منزله ولم يسفِّرَها رحمة بها رغم أنها أصبحت غير قادرة على العمل المطلوب منها.
***
التواضع والابتسامة التي لا تفارقه:
- كل من عرف الراحل الغالي أدرك هذه الخصال فيه، فهو لطيف المعشر، سمح التعامل، عذب الكلمة.
وهو من جانب آخر عنوان للتواضع بتعامله مع الكبير والصغير مع الأمير والخفير.
لا يتخاطب مع الناس إلا عبر الكلمة العذبة، وكان رحمه الله يأنس بالطُرفة ويضحك لها من قلبه،
و كان يروي الطُرفة ويقولها لإدخال السرور على من حوله،
وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال «من كان فيه دعابة فقد برئ من الكبر».
لقد أدرك ماهية الحياة والأحياء ورآها لا تستحق الكبرياء والتجهُّم وكأن الشاعر يعنيه عندما قال:
وأجمل أخلاق النبيل أجلها
تواضعه للناس وهو رفيع
جعل الله هذه الابتسامة رفيقته بجنة المأوى.
***
الراحل عبدالعزيز الزامل مسؤولا:
- لن أستطيع أن آتي على كل صفاته كمسؤول أو أعدد منجزاته وزيراً أو رئيساً ولن أقدر على أن أتناول العديد من المواقف المُشرِّفة بمسيرته العملية حتى فارق دنيانا فمن الصعب اختزال النهر بقطرات.
لكن أتطرق لبعض خصاله وهو على رأس المسؤولية.
النزاهة:
وهذه سمة له بأي عمل تولاه، فقد كان أمينا بعمله نزيها بذمَّتِهِ وبالملايين التي تحت يديه عندما كان وزيرا ورئيسا لمجلس شركة الكهرباء ورئيسا تنفيذيا لسابك وغيره.
التفاني بعمله
عُرِف عنه رحمه الله أنه يعطي العمل كل جهده وإخلاصه إبان عمله الحكومي أو عندما تفرَّغ للعمل الخاص وكان ذا رؤية بعيدة كانت أحد أسباب انطلاقة الصناعة عندما تولَّى وزارتها.
- وأول معاييره لنجاح الصناعة السعودية هو جودتها، وأذكر عندما حضرت اجتماعا مع مديري شركات الأسمنت وكانوا يطالبون بفتح باب التصدير له بعد أن زاد إنتاج الأسمنت فقال لهم بالنص: نحن موافقون لكن لا بد لكم ولنا من «جودة المنتج» فهذا أساس لنجاح ما تصدرونه، فضلا عن أنه يعطي سمعة جيدة لصناعات المملكة.
***
العمل بالميدان:
- لم يركن عندما كان وزيرا للصناعة والكهرباء لمكتبه والأوراق والتقارير التي تصله، فقد كان وزيرا رحّالا بين مناطق المملكة فمرة بالجبيل ومرة بينبع ومرة بتبوك ومرة بالقصيم ومرة بجيزان.
وأذكر هنا موقفا يشي بحرصه على الوقوف على الحقيقة «قصة بناء مسجد على جزء من أرض مكتب شركة الكهرباء بالشمال بالرياض لحاجة الحي الذي يقع فيه مكتب الشركة وقد كنت تقدمت للشركة نيابة عن أهل الحي ولم توافق الشركة على بناء مسجد بطرف الأرض الكبيرة التي فيها مبنى مكتبها وكان هو وقتها رئيس مجلس إدارة الشركة عندما كان وزيرا للكهرباء فتواصلت معه وشرحت له الموضوع فما كان منه إلا أن طلب مني أن نلتقي بالموقع وفعلا زار الموقع عصر أحد الأيام ورأى وجاهة الطلب وعدم أي ضرر على الشركة فأصدر موافقته.
***
وطنيته:
- تجسدت بأمور كثيرة مسؤولا، ووزيراً لواحدة من أهم الوزارات ورئيسا تنفيذيا لتاج شركاتنا سابك.
وأذكر جانبا من وطنيته بوصفه مواطنا يحفِّز على شيء جميل بوطنه، يكون بأفعاله قدوة:
كان هو وإخوته وأسرهم يقضون جزءا كبيرا من الإجازة الصيفية بأبها رغم اقتدارهم المالي لكن – كما قال لي ذات مرة وأنا أزوره بأبها – مادام ما نريد بالخارج من جو جميل وخدمات راقية موجودا بالوطن فلم لا نقضي إجازاتنا فيه، واستمر على ذلك حتى أقعده المرض وكلما التقينا بأبها تذكرت بيتين للأمير خالد الفيصل الذي كان محفزا على السياحة الوطنية.
- قالوا تسافر قلت ملِّيت الأسفار
لاهل السفر غايـة وأنـا غايتـي غيـر
قالوا تصيف قلت في دار الأخيار
مصيفي أبها منزر الغيم والخير
****
- الإنجاز بكل موقع يكون مسؤولا عنه
أضرب مثلا بسابك الذي كان أحد أبرز مؤسسيها وتولى إدارتها ونيابة رئيس مجلس إدارتها مع د. غازي القصيبي رحمهما الله، كان الرجلان بكل ما يملكانه من وطنية وتفاؤل مؤمنين بنجاح الشركة رغم كل التحديات التي واجهتها داخليا وخارجيا فبذلا وأعطيا وأنجزا حتى نجحت وصارت إحدى أعظم شركات البتروكيماويات بالعالم رحمهما الله.
- وفي موقع آخر كان عضو بالجمعية العمومية لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر ولم تكن عضويته شرفية فقد شاهدت ورأيت – بوصفي عضوا بالمؤسسة نقاشه وحرصه على ضبط الأمور المالية خلال اجتماع المؤسسة ومناقشة تقارير الإدارة وكأنه الوحيد المسؤول عنها رغم أنه من ناحية مادية ليس بحاجة إلى ما يأتيه من نصيب ضئيل من أرباحها ولكنه أداءً للأمانة كان حريصاً عليها وعلى نجاحها رحمه الله.
***
وبعد:
- لقد أدرك معنى الحياة بأنه وأننا كلنا راحلون عن دنيانا ومناصبنا وأموالنا لكن ما الذي سيبقى لنا؟
نعم أدرك رحمه الله فلسفة الحياة وحقيقة الوجود فعاش حياته مستقيما على دينه محبا متفانيا بخدمة وطنه محبا للناس من حوله ناشرا للطرح بقلوب الآخرين
فبقى له بحمد الله الذكر العاطر والأجر الوافر بحول الله و:
ليس سوى صنع الجميل فضيلة
وليس سوى الذكرى تظلّ وتخصب
- أبا أسامة طبت حيا وميتا
كنت وأنت بين أعيننا
ورحلت عنا وأنرت
العابد الله على بصيرة
المتعامل مع خلقه بأريحية
الممطر رحمة على المحتاجين من يتيم ومعاق وقصيرة
الطيب السجايا والسريرة.