حين قررتُ الكتابة عن بعض مواقع التواصل الاجتماعي لم أكن أحسب يوما ما أني دخلت كما يقال «عِش الدبابير» وأن الداخل مفقود والخارج مولود، لأنك أبشركم خرجتُ سعليا من كل هذا!
لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك وإذا اتفقوا فإن ما كتبته يبقى فيه وجهة نظر ويحتاج إلى إعادة تقييم فمن المستحيل الاتفاق لا بد من الاختلاف وأظنها سُنّة حسنة وأمر بديهي خذ عندك مثلا على مستوى البيع والشراء شارع واحد كل محل فيه يبيع نفس البضائع ومع ذلك تجد الاختلاف وسبحان الله كل يأخذ رزقه !
إذا فبعد عدّة مقالات - فتحت لي فيها (الجزيرة الثقافية مشكورة) قلبها وكتبت بإحساس نبضها فتماهتْ رغبتي الجامحة موازيا مع سباقها المحموم ثقافيا وأدبيا وفنيا..- خصصتها لقراءة بعض مواقع التواصل الاجتماعي طبعا الأشهر والأغزر فيها وكان ذلك يتماشى مع قوة تأثيرها وأثرها في الشباب على وجه الخصوص لأنهم منطلق هذه القراءة بالذات فهم وبهم ومن أجلهم كتبنا ولم نزلّ !
الآن وبعد أن هَدْهَدْتُ قلمي بعد عناء وسهر في الكتابة حول هذه المواقع خرجتُ منها إيحابا بالتالي:
- أن مواقع التواصل الاجتماعي قرّبتْ المسافات بين الجميع وأصدق تسميةً لها تواصل.
- أصبح الإعلام الرقمي والورقي مجالا خصبا في الدلو في منبع هذه المواقع واستخراج لآلئ ما فيها والكتابة عنها ثقافة وأدبا وإعلاما.
- حكمتْ على بعض فعاليات وأنشطة الأندية الأدبية حكمَ الإعلام شنقا على الشللية التي رزحتْ زمنا فيها أبتّ ألا تنفكّ منه، فجاءت هذه المواقع خصوصا الواتساب وتويتر بالذات طوقَ نجاةٍ من ممارسات «المحسوبية المقيتة»
فنشأت المجموعات «القروبات» على الواتساب
في الشِعْر والرواية وبالأخص «ملتقى القصّة الالكتروني التفاعلي» والذي يضمّ عددا كبيرا من كتّاب القصة والقصيرة جدا والشعراء والروائيين من جميع الأقطار العربية ويشرف عليه مجموعة من المبدعين في تخصص القصة القصيرة ومما لا شك فيه أن هذه المجموعات فتحت آفاق التثاقف وأعادت هيبة الأدب والثقافة وصياغة الإبداع من جديد بعيدا عن بعض هنّات الأدبية الأدبية ....
- كذلك هذه المواقع أسقطتْ الأسماء المتكررة في من يعتلي منصّات هذه الأندية ومن بعض متسلقي الإعلام بشقيه ورقيا وإلكترونيا على أكتاف بعض من تسمّوا بالأدباء والشعراء ......
من كثرة حضورهم في صفحات الإعلام حتى لا تكاد تفتح موقعا إعلاميا حتى تجدهم مللا في وجهِ القرّاء غصّة بعد الأكل ثلاث مرات فهو الشاعر والأديب والناقد والإعلامي والأكاديمي وووو ...وفي الأخير تكتشف أن بعضهم بالكاد يُفْهِم طلابه في قاعة الدرس بجامعته وأن «الدال» له احترامه المعنوي لكن للأسف ما عداه مجرّد ثرثار يقتات ما تبقى من أثر المبدعين الذين يقبعون خلف الستار ينتظرون دورهم في هذه الأندية !
- كذلك أن هذه المواقع أعطت مجالا رحْبا للمتألقين من الموهوبين في الظهور والمشاركة بإبداعهم مجموعات وأفرادا عبر صفحاتهم الشخصية، وصحيح أن كبار المثقفين في هذه المواقع بعيدين بعض الشيء عنهم لكن إبداعهم وصل شاؤوا أم أبوا فلا غرو من الالتفات لهؤلاء الموهوبين وإن كانت البحوث المقدمة في شللية هذه الأندية الأدبية معروفة مستنسخة من ما يقدم لهم من طلاب الدراسات العليا ... يأخذونها كابرا عن كابر، وهنا من الطبيعي تكرر هذه الأسماء بالحديث عنها وكذلك تشابه هذه البحوث المقدمة في ملتقياتهم !
أسوأ ما في هذه المواقع الاجتماعية بعد القراءة فيها والغوص سباحة في عمقها:
- «القص واللصق» في الواتساب أهوووه ممتلئة حد الاستفراغ - أعزكم الله - نفس المعلومة تجدها هنا في هذه المجموعة وتلك
ناهيك عن من يثرثر بها كتابة غير طبعا الناصح الحزين الذي لا يأتِ إلا ناصحا ناهرا مستفزا واعظا وهو أول من يسقط في مستنقع القص واللصق ويستعرض برحلاته المهترئة ولغته المكسّرة لغويا أو لهجته الشوارعية !
وأسوأ ما يكتبه لو سمحت يا إخوان اكتبوا على الخاص هذا بعد أن يكتب هو ويعترض على كل شيء في كل شيء وكأنه ملاكٌ وهو في ثياب إبليس يكتب بدلا عنه وعجبي !
- أتخمت هذه «القروبات» بالمصورين سنابا وفلاشا الذين يتتبعون خلق الله مرة بحمولة زائدة في سيارة هذا وذاك متجاوز فأين المرور وهؤلاء وهؤلاء وهو مجنّد نفسه لرغباته الشخصية فتجد جمال هذه الصور أو السنابة لأنه يأخذ من ذاك حفنة من نقود وهو يعلم أنه مرتزق بسنابه وميض فلاشه؟! وغالبيتهم من أصحاب السناب عليهم من الله ما يستحقون !
الحقيقة لو تتبعت الأسوأ فهو كثير جدا
المقال القادم بإذن الله
(الحديقة الثقافية وتوأمة فنون وأدبي جدة إلى أين ؟!)
** **
- علي الزهراني (السعلي)