فهد بن جليد
لا تكاد تُقال هذه الدعوة في نهاية خطبة الجمعة أو في دعاء القنوت في صلاة التراويح، إلاَّ وتلهث الألسِّنة بالدعاء (آمين.. آمين) أقوى من الدعاء الذي سبقه، ما يدل على انتباه المصلين وتركيزهم وتفاعلهم عند الطلب من الله والتضرع إليه لقضاء وسداد الدين، في هذا دلالة بأنَّ الكثير من المصلين (مُتأذون) من الديون وتراكمها بشكل مباشر أو غير مباشر، لذا من الواجب الاستفادة من تجارب الناس وملاحظة تفاعلهم هذا، بالتفكير في تثقيف المجتمع والأجيال الصاعدة تحديداً، بأهمية الادخار والامتناع عن الاقتراض قدر المستطاع، وتجنب الدين وهمِّه، والتفكير بطريقة حياة مختلفة تتماشى مع احتياج العصر وتحدياته الاقتصادية، مع وضع حلول عملية ومالية مناسبة للمتعثرين والمعسِرين الذين تشعر بالألم تجاههم.
عندما يتلمس خطيب الجمعة أو المفكر أو الباحث احتياجات الناس بهذا الشكل، لنشر الوعي والفهم، فهذا دور ريادي رائع أجره وفضله كبير، وأظنه مطلب كل مجتمع، أتمنى أن ينتبه له خطباء الجمعة تحديداً لتكثيف توعية الناس بالطرق الصحيحة للادخار والتحذير من الإسراف في الديون من أجل حاجات استهلاكية بالإمكان تأجيلها لتحقيقها والحصول عليها لاحقاً بطُرق أسهل، دون همّ الدين وتراكمه وآثاره على الفرد والمجتمع، نحتاج إلى (دراسة مسحية) تعكس لك اهتمامات الموظفين الجُدد، وطريقة تفكيرهم المالية؟ وما هي خططهم للادخار أو الإنفاق مع الدخل الجديد؟ وإذا ما كانوا سيحصلون على قروض أين وكيف سيصرفونها؟ وهل استفادوا من تجارب من سبقوهم؟ مثل هذه النتائج تعطي انطباعاً وتمنح الباحث والخطيب القدرة على تلمس الاحتياج بالشكل الصحيح، ومعرفة مكامن الخطأ، لمعالجة أصل المشكلة ومنبعها، والتنبيه لذلك بالتوعية والتثقيف، وهو أشد ما تحتاجه المجتمعات اليوم.
اللافت أنَّ هناك فئة أخرى (5 نجوم) تؤمِن على الدعاء بذات التأثر والتفاعل مع المديونين؟ هؤلاء يمتلكون قصوراً وسيارات فارهة، يصيفون في باريس ولندن.. وقد يكون صاحبنا (المديون الأول) محقُوق لهم أصلاً، المشهد هنا يحتاج إلى تأمل أكثر.. ما يعطي انطباعاً بأنَّ كثرة المال وقلته لا تعني التخلص بالضرورة من همِّه وألمه، كرم الله واسع ليشمل الجميع، (اللهم اقض الدين عن المدينين) أغنياء وفقراء (آمين.. آمين).
وعلى دروب الخير نلتقي.