محمد بن إبراهيم الحسين
العام الشمسي يمثل دورة واحدة للأرض حول الشمس، تبلغ مدتها (365) يومًا تقريبًا. ومن أشهر التقاويم التي تعتمد على التقويم الشمسي: التقويم الميلادي، والتقويم الهجري الشمسي. أما العام القمري فيمثل (12) دورة للقمر حول الأرض، تبلغ مدتها (354) يومًا تقريبًا. وتعتمد بعض الدول الإسلامية التقويم الهجري القمري، كما تتحدد بموجبه أوقات شعائر الحج، وبداية ونهاية شهر الصوم. ونظرًا إلى أن طول العام الشمسي يبلغ نحو (365) يومًا، بينما يبلغ طول العام القمري نحو (354) يومًا؛ فإن العام القمري يكون أقصر من العام الشمسي بواقع (11) يومًا تقريبًا. ولكون دورة الأرض حول الشمس أكثر دقة وثباتًا من دورة القمر حول الأرض فإن فصول العام وفق التقويم الشمسي تحل في الأشهر نفسها من كل عام، بينما تختلف مواعيد الفصول وفق التقويم القمري؛ فيحل كل فصل من فصول السنة في أشهر مختلفة كل عام؛ ولذلك يلجأ العرب لتحديد الفصول وفق مواقع النجوم «الأبراج».
ولا شك في أن التقويم الهجري جزءٌ مهم من ديننا الإسلامي، ومكوِّن أساسي من هويتنا الثقافية، ولا يمكن الاستغناء عنه لتحديد أزمنة وأوقات الشعائر الدينية كالحج والصوم.. إلا أن اعتماد التقويم الميلادي في جميع ما يتعلق بالأنظمة المالية والمصرفية والإدارية وغيرها من الأنظمة ضرورة لا مناص منها. وجميع دول العالم تعتمد ذلك التقويم، ونحن جزءٌ من العالم، ولا نستطيع الشذوذ عنه. فالتقويم الهجري لا يمكن اعتماده في جدولة النظم المالية والإدارية، كتحديد أزمنة صدور الميزانيات العامة والحسابات الختامية للدول، وصرف الرواتب، واحتساب السِّن التقاعدية، وتحديد المناسبات الرسمية والعُطل الدراسية نظرًا إلى أن العام الهجري ينقص عن العام الميلادي بواقع (11) يومًا سنويًّا؛ ولذلك فإن نظام صرف الرواتب بالتاريخ الهجري كان نظامًا خاطئًا؛ إذ يستلم الموظفون راتب شهر كل (3) سنوات، يستفيد منه الموظف الأجنبي في حين يخسره الموظف السعودي نتيجة احتساب عمره لتحديد سن تقاعده وفق التقويم الهجري وليس وفق التقويم الميلادي؛ وهو ما يزيد عمره بواقع عام كل (30) عامًا تقريبًا؛ فيحال للتقاعد في سن (58) عامًا وليس (60) عامًا. وقد نبَّهتُ لذلك قبل أعوام عدة، ودعوت إلى وجوب صرف الرواتب واحتساب السن التقاعدية بموجب التقويم الميلادي. كما يجب أن يتم تحديد العطل الرسمية وفق التقويم الميلادي، وليس وفق التقويم الهجري؛ فالعطلة الدراسية الصيفية في جميع دول العالم تأتي خلال الأشهر (6 - 7 - 8/ يونيو- يوليو- أغسطس)؛ وبذلك تحل الإجازة سنويًّا في وقتها المحدد في فصل الصيف من كل عام. في حين لو تم تحديدها وفق التقويم الهجري فستكون الإجازة غير ثابتة في أشهر معينة، وإنما ستكون عامًا في الصيف، وعامًا في الخريف، وعامًا في الشتاء، وعامًا في الربيع؛ لأن الأشهر الهجرية تدور وليست ثابتة؛ وبذلك نشذ عن التقويم الدراسي المعتمد في جميع دول العالم، مع ما يرافق ذلك من سلبيات عديدة، تتعلق بتحديد مواعيد السفر، وغيره من الارتباطات.
والتاريخ الميلادي هو المعتمد دوليًّا في الأمور المالية والبنكية. علمًا بأن حسابات الدولة والبنوك يتم تحديدها وفق التقويم الميلادي منذ زمن طويل، واستخدام التقويم الهجري ينتج منه عدد من السلبيات، منها:
1 - صرف الرواتب بالهجري يتسبب في استلام الموظف راتب (شهر) بالزيادة كل (3) سنوات.
2 - احتساب السن التقاعدية بالهجري يؤدي إلى تقاعد الموظف في عمر (58) عامًا وليس في عمر (60) عامًا.
3 - تحديد مواعيد إعداد الحسابات الختامية وإعلان الميزانية العامة بالهجري لا يتوافق مع بداية العام المالي المعتمد في جميع دول العالم حسب التقويم الميلادي الذي تحدد بموجبه مواعيد إعلان الحسابات الختامية والميزانيات العامة للدول، وميزانيات القطاع الخاص، ولا يتماشى مع النظام المالي العالمي.
4 - تحديد المناسبات الرسمية والعطل الدراسية وفق التقويم الهجري يجعل مواعيدها غير ثابتة، وتختلف بدايتها ونهايتها كل عام بواقع (11) يومًا سنويًّا.
ولتلك الأسباب فإنه يتحتم اعتماد التقويم الميلادي فيما يتعلق بتحديد مواعيد الالتزامات والاستحقاقات المالية، وتحديد أوقات المناسبات والعطل الإدارية والدراسية، مع وجوب المحافظة على التقويم الهجري الذي يتم وفقه تحديد مواعيد أداء الشعائر الدينية، كالحج والصوم، الذي يعتبر من الرموز المعبرة عن عقيدتنا الإسلامية وهويتنا العربية.