د. أحمد الفراج
كتبتُ في المقال الماضي عن الحرب الإعلامية القذرة على المملكة، التي لم يخبُ أوارها منذ سنوات عدة، وهي حرب يشترك فيها اليسار الأمريكي والتنظيم الدولي للإخوان والدول الداعمة له. وحرب اليسار الأمريكي على المملكة ليست كرهًا لها، بل نكاية بخصمهم الشرس، الرئيس ترامب، الذي أعاد التحالف التاريخي معها، بعدما كاد أوباما أن يدمره. وتساءلتُ عما إن كنا واجهنا هذه الحرب كما ينبغي؟ والجواب المؤلم هو النفي؛ فنحن نخاطب أنفسنا في معظم الوقت، ولم نتمكن حتى اليوم من اختراق دوائر التأثير في الداخل الأمريكي، ونقصد هنا الإعلام الأمريكي المرئي والمقروء، وكذلك مراكز البحوث والدراسات، ومنظمات المجتمع المدني؛ فلم تعد الدعاية مدفوعة الثمن تجدي نفعًا؛ فعالم الإعلام الأمريكي عالم ضخم ومؤثر، له دهاليزه واستراتيجياته ومفاتيحه التي لا يمكن لموظف أو إعلامي هاوٍ أن يدرك كنهها، فضلاً عن أن يتمكن من الولوج إلى عالمها.
لا يمكن أن تهزم خصمك إلا إذا استخدمت الأدوات ذاتها التي يستخدمها. والشرط الأول لذلك هو الاحترافية والمهنية.. فمكاتب العلاقات والإعلام في سفاراتنا ما زالت تعمل بتقليدية وبيروقراطية؛ وهذا لا يمكن أن يستقطب صوتًا أو يصنع فرقًا.. ثم دعونا نتحدث بشفافية، نحن بأمسّ الحاجة إليها، ونسأل: هل انتقينا أفضل الكفاءات، عطفًا على كفاءتها فقط؛ لتتولى مسؤولية التعامل مع الإعلام الغربي المحترف والمتوحش؟! هذه نقطة في غاية الأهمية؛ إذ سبق أن كتبتُ في هذه الصحيفة الموقرة، وقلتُ إن هناك مهمات وطنية، لا يصح فيها المجاملة ولا المحسوبية. ولا أظننا اليوم بحاجة لشيء قدر حاجتنا لكفاءات مؤهلة، تستطيع أن ترصد هذه الحرب الإعلامية على بلادنا، وترسم استراتيجيات طويلة الأمد لمجابهتها؛ إذ لا يبدو في الأفق ما يشير إلى انحسارها، بل هي تزداد استعارًا.. وبدون ذلك سنستمر في مخاطبة أنفسنا دون أي تأثير يُذكر داخل الدوائر التي نحن في أمسّ الحاجة لاختراقها.. فهل نفعل؟!