م. خالد إبراهيم الحجي
إن المبالغ المالية والجداول الزمنية تشكل المحددات والمقررات الرئيسية لتنفيذ مشروعات البنية التحتية التي تمثل الأساس في خطط التنمية طويلة الأمد لجميع الدول المختلفة، وبعد اعتمادها في الميزانيات السنوية العامة تصبح مشروعات حقيقية، تقوم الإدارات التنفيذية المختلفة في القطاعات العامة بتنفيذها على أرض الواقع وفق المواصفات الهندسية المحددة والمعاير الفنية العالمية.. واعتماد المبالغ المالية المناسبة في الميزانيات العامة للمشروعات المستهدفة دليل قوي، وبرهان قاطع على الجدية في أهمية تنفيذها، يضمن إنجازها بجودة هندسية عالية حسب المدد الزمنية المحددة لها، وإذا حدث تأخر في وقت الإنجاز أو قصور في إخراجها بالجودة النوعية المطلوبة لن يكون بسبب وجود عجز في الاعتمادات المالية؛ يكون ذلك غالباً لأسباب أخرى مثل الإهمال والتسيب، أو الفساد المالي والإداري، أو ضعف الخبرات والكفاءات في الكوادر العاملة.. وجميع حكومات الدول تهتم بإنشاء شبكات الشوارع داخل المدن، وشبكات الطرق السريعة بين المدن، وتعطيها أولوية شديدة؛ لأنها تأتي في مقدمة مشروعات البنية التحتية، وتسهل الوصول إلى جميع الأعمال الصحية والتعليمية والتجارية والصناعية والخدمات الاجتماعية، وتساعد بشكل كبير في التنمية الاقتصادية التي تساهم في التطور والتقدم.. ويهمنا في هذا المقال شبكات الشوارع داخل المدن التي تقوم على ستة بنود أساسية متساوية في الأهمية؛ ثلاثة منها تحت سطح الأرض وهي: الحفر والردم، والرصف العادي، والرصف المسلح، والثلاثة الأخرى فوق سطح الأرض وهي السفلتة، وأغطية المناهل، وتخطيط المسارات بالدهانات الفسفورية العاكسة للضوء. ولكن شبكات الشوارع يصيبها كثير من التلف والأضرار في الطبقات الأسفلتية بعد افتتاحها وتشغيلها، وهذا التلف وتلك الأضرار تسببه الشركات التي تنفذ باقي شبكات الخدمات والمرافق العامة الأخرى التي تكمل البنية التحتية للدولة، وتتطلب حفر الخنادق والأخاديد على جوانب الشوارع أو في وسطها، لوضع خطوط الماء والصرف الصحي، والكهرباء، والهاتف والإنترنت، ولكنها تفشل غالباً في إعادة الشوارع إلى وضعها الأصلي بنفس الجودة النوعية التي كانت عليها سابقاً، بسبب قصور أعمال التنفيذ والمصنعية، وضعف الإشراف الهندسي أو غيابه، ومن مظاهر العيوب وأشكال التلف والأضرار التي تصيب أرضيات الشوارع بعد تنفيذ شبكات المرافق العامة التالية:
(1): كثرة التشققات والفجوات على سطح الأسفلت في بعض الأماكن، أو تجمع الأسفلت وتكتله في أماكن أخرى بسبب نقص نسبة المادة الأسفلتية التي تضعف قوة التماسك وعدم تجانسها وتساوي نسبة توزيعها.
(2): تطور الفجوات إلى حفر بمرور الوقت؛ نتيجة هبوط الأرضيات تحت أوزان السيارات والمركبات، بسبب نقص الردم وضعف الدك تحت طبقة الأسفلت.
(3): انخفاض أغطية المناهل أو ارتفاعها وبروزها عن مستوى طبقات الأسفلت؛ بسبب سوء المهنية وغياب الاحترافية الذي يشكل حجر عثرة في معظم الشوارع.. وجميع هذه العيوب وأشكال التلف التي تلحق الشوارع بعد مد خطوط المرافق العامة الأخرى نشاهدها دائماً باستمرار، وأصبحت ظاهرة عامة وثابتة على الرغم من أن عقود هذه المشروعات تحدد بوضوح، للشركات المنفذة، المواصفات الهندسية لجميع المواد التي يجب استخدامها، وتمنح المهندسين المشرفين صلاحيات فحصها، ومعاينتها قبل دفنها تحت سطح الأرض، وتشتمل على سرد مفصل عن تطبيق جميع المعايير الهندسية الثابتة في أعمال التنفيذ والمصنعية، وتؤكد على ضرورة إجراء الاختبارات الهندسية المعتمدة لقبول الأعمال والمشروعات المنفذة من قبل المهندسين المشرفين؛ لأنها توضح نسبة دك التربة وصلابته، وكثافة الأسفلت المناسبة لكل شارع، وأجزائه التي تحتاج إلى تسليح، وعن جودة الدهان المستخدم وقوة تحمله لحركة المرور.
وموافقتهم على قبول الأعمال يعني استيفاءها للحد الأدنى من الجودة النوعية التي تضمن إعادة الشوارع إلى ما كانت عليه في السابق من الجودة قبل تنفيذ الشركات لخطوط شبكات المرافق العامة.
الخلاصة:
يجب معرفة لماذا أصبح فشل الشركات في إعادة الشوارع إلى وضعها الأصلي بجودتها السابقة ظاهرة نشاهدها في معظم الشوارع، واتخاذ التدابير الهندسية والمالية التي تجبرها لتحقيق الحد الأدنى من الجودة النوعية والإتقان في إعادة الشوارع كما كانت عليه في السابق.