عبدالكريم الحمد
دعني أبدأ مقالتي بآخر كلمة وردت في العنوان (التفاؤل)؛ فهناك مقولة، أو بالأصح نظرية، ذات حكمة عميقة، اعتدنا تكرارها على مسامعنا؛ لما لها من قيمة معنوية كبيرة، هي نظرية (الكوب نصف المملوء)، وتتمحور حول:
* المتفائل يقول: إن كأسي مملوءة إلى نصفها.
* المتشائم يقول: نصف كأسي فارغ!!
ووصف علماء النفس التفاؤل بأنه «صفة من الصفات، أو نزعة تدفع الإنسان نحو النظر إلى الجانب الإيجابي والزاوية الأفضل للأحداث. كل ذلك يجعل منك شخصًا قادرًا على مواجهة الحياة بصورة أجمل مبتعدًا عن كونك أسيرًا للوقائع السلبية وألوانها السوداوية».
ويأتي التشاؤم مضادًّا للتفاؤل. ويُعرف التشاؤم بأنه «حالة نفسية تقوم على اليأس، وتدفعك نحو التفكير السلبي فقط، والنظر إلى القضايا من زواياها السيئة فقط؛ لتسيطر عليك أفكار سوداوية؛ تجعلك مجبرًا على رؤية الأمور كافة كأنها تسير على غير ما يرام».
عذرًا منك أخي القارئ كوني أطلت عليك في الإسهاب حول مفردة (التفاؤل)، واسمح لي بأن أهمس سرًّا بأنني شخصيًّا افتقدت تلك المفردة بضع سنوات مضت في رياضتنا السعودية، وبالأخص في (كرة القدم)، سواء على صعيد المنتخب الأول أو حتى الأندية بعد شح في الذهب والإنجازات الخارجية منذ عام 2005 حتى أضحت هاجسًا مؤلمًا، ليس لدي فقط، بل لدى كل غيور على رياضة البلد، سواء لاعبًا أو مسؤولاً أو مشجعًا.
وبعد سنين عجاف لاحت بوارق أمل، وليست بارقة واحدة، وخصوصًا بعد أن ضخ الهلال الذهب الآسيوي في شريان الكرة السعودية مجدِّدًا السيادة السعودية على القارة الصفراء، وصعود المنتخب السعودي الأول لكرة القدم منصة البطولة الخليجية الأخيرة، وحصوله على المركز الثاني بعد أن كان مرشحًا أول في ظل المستويات الفنية العالية غير المتوقعة التي قدمها في البطولة، إضافة إلى مشواره المقبول في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات أمم آسيا وكأس العالم 2022، ثم التأهل التاريخي لأولمبياد طوكيو 2020.
ففي المشهد الكروي السعودي حاليًا ألحظ تناغمًا إداريًّا بين المؤسسة الرياضية الأولى في البلاد (الهيئة العامة للرياضة) ممثلة في رئيسها الشاب الأمير عبدالعزيز بن تركي، ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأستاذ ياسر المسحل، عبر عمل إداري، وخطط استراتيجية هادئة ومتزنة، انعكست بشكل لافت على المنتخبات السعودية، وأيضًا على قوة ومتانة التنظيم للمنافسات المحلية دون عشوائية أو استسلام لمؤثرات عاطفية.
سرَّني جدًّا ذلك التناغم بين الشخصيتَين، تلخص في حدث عالمي، احتضنته المملكة العربية السعودية، هو تنظيم (السوبر الإسباني)؛ إذ تصدى الفيصل للإشراف والترتيب والتنفيذ للمناسبة الكروية العالمية، وفي الوقت نفسه كان المسحل في ثغر كروي وطني خلف المنتخب الأولمبي في بانكوك، يذود عن سمعة الكرة السعودية خارجيًّا. إنه مشهد أضاء شمعة تفاؤل نحو مستقبل كروي سعودي تاريخي، لا يكتمل إلا بتضافر الجهود، وتقاسم المسؤوليات.
قبل الختام:
أنا متفائل وسأقول: إنجازاتنا في الوقت الراهن ملموسة، وليست فارغة، وسأنتظر المزيد.