عثمان أبوبكر مالي
تتواصل سياط وأسواط النقد تجاه المنتخب السعودي الأولمبي بعد انتهائه من مهمته الآسيوية (بطولة كأس آسيا تحت 23) في الطريق إلى المهمة الدولية، بالرغم من نجاحه في خطف بطاقة التأهل إلى (أولمبياد طوكيو 2020)، وحلوله وصيفًا لبطل آسيا.
تواصُل ذلك النقد غريب وعجيب، ولا يتوافق - من وجهة نظري - مع مقومات وأصول النقد، على الأقل من حيث التوقيت، وانتظار المباركة والتهاني، خاصة أنه لم يتوقف (أصلاً) وقت المواجهات وعز اشتداد المنافسة، وفي أمور لا تجدي وقتها، مثل اختيارات المدرب لبعض اللاعبين، ولم يكن ذلك وقته إطلاقًا، وكل شيء في وقته يحلو عادة. اختيار قائمة الفريق ـ أي فريق ـ وجهة نظر المدرب الفنية؛ فهو الأقرب والأدرى، ولا يوجد مدرب لا يُنتقد على اختياراته، وعدم ضمه بعض الأسماء والنجوم، حتى لو كان مدربًا لمنتخب البرازيل؛ والدليل على هذا ما حدث للاعب البرازيلي (الشهير) روماريو قبل مونديال عام 1988م عندما تجاوزه مدرب المنتخب البرازيلي (المعروف) زاجالو رغم نجوميته ومستواه وشهرته الطاغية، وكانت وجهة نظر المدرب أنه (لا يحتاج إليه)، ولم تنفع كل المحاولات مع المدرب ليتراجع، فلعبت البرازيل المونديال، وخسرت النهائي في باريس أمام المنتخب الفرنسي المستضيف. وتكرر الأمر للاعب نفسه مع مدرب بعده هو (فيليب سكولاري)؛ إذ تجاهله هو الآخر قبل مونديال عام 2002م، وكانت حجته أن اللاعب (غير جاهز) في ذلك الوقت، ولم تنفع كل المحاولات والرغبات، ولم تشفع دموع اللاعب وتوسلاته أمام العالم في مؤتمر صحفي موسع، ولا تدخلات الرئيس البرازيلي شخصيًّا، ولعبت البرازيل من دونه، وحققت كأس العالم في (كوريا واليابان) بجدارة.
النقد مقبول ومفهوم في حينه (عند إعلان القائمة)، لكنه ينتهي في معمعة المنافسة والمباريات، وهو ما لا نجده في وسطنا وإعلامنا الرياضي ـ مع الأسف ـ. وأسوأ منه النقد (القاسي) في لحظات الفرح والسعادة بعد المشاركة وتحقيق الإنجاز، كما هو حاصل ولا يزال للأخضر الأولمبي ومدربه (القدير) سعد الشهري؛ فسياط النقد استمرت بل انهالت أكثر بعد خسارة المباراة النهائية أمام منتخب كوريا الجنوبية. وبالرغم من أن الحصول على اللقب مهم، لكن الأهم منه تحقق، وهو الوصول إلى (المحفل العالمي)، وهو إنجاز يستحق الاحتفاء والإشادة بالعمل الذي تم، ومشاركة اللاعبين الفرحة والسعادة والفخر بما تحقق.. ومن لا يستطيع أو لا يريد فعل الأقل (ينقّطنا بسكوته) كما يقول المثل الشعبي.
كلام مشفر
« عودة الكرة السعودية إلى الأولمبياد جاءت بعد 24 عامًا؛ إذ كان آخر ظهور في (مونديال أطلانطا 96م). عودة وإن تأخرت كثيرًا تعد نجاحًا محسوبًا لاتحاد الكرة وأجهزة المنتخب. ويبقى العمل والحرص على تأكيد النجاح واستمراريته خلال المشاركة في التجمع الأولمبي الكبير.
« وقت طويل يفصلنا عن الموعد المحدد لانطلاقة الأولمبياد المقرر أن يبدأ في الثالث من شهر ذي الحجة القادم (24 يوليو)، أي بعد سبعة أشهر بالتمام والكمال، وهو وقت كافٍ جدًّا لوضع برنامج قوي لإعداد المنتخب، وتأهيل لاعبيه بصورة أكبر وأقوى، ورفع قدراتهم وخبراتهم، وإكسابهم جرعات لياقية وفنية أعلى.. والأهم زيادة الانسجام والفاعلية بين عناصره.
« ولا شك أن الأخضر الأولمبي سيستفيد من نظام السماح بمشاركة ثلاثة لاعبين من فئة الأعلى من 23 عامًا، وليس شرطًا أن يكونوا من لاعبي المنتخب الوطني الأول، بقدر أهمية أن يكونوا أسماء تقدم للمجموعة الفاعلية والإضافة.. ويحدث ذلك إذا ما تم اختيارهم بعناية من حيث الاحتياج، والقدرة، وقابلية التكيف مع المجموعة، والاندماج معها، واللعب لمصلحتها، وليس بشكل فردي أو أي نوع من التعالي.
« الثلاثي الذي سينضم إلى الأخضر الأولمبي أصبح موضع توقعات واقتراحات وتنظير وتساؤلات الجماهير والإعلام فور الحصول على بطاقة التأهل، ولاحقا سيكون موضع نقد، وربما اتهامات لمن لن تعجبهم الاختيارات إذا خرجت عن ألوانهم المفضلة. والصحيح أن يُترك الأمر للمدير الفني (القدير) الكابتن سعد الشهري، وفق رؤيته ونظرته الفنية والتدريبية، وهو الأقرب والأعرف.
« أهم ما يجب مراعاته في هذا الجانب أن لا يأتي الاختيار وفق (وصاية) من أحد، أو أي جهة أخرى. والتنسيق مطلوب - ولا شك - بين مدربي المنتخبَين الأول والأولمبي (الشهري ورينارد) خلال الفترة القادمة في هذا السياق؛ فالمصلحة مشتركة بينهما على اعتبار أن هناك عددًا من لاعبي الأولمبي موجودون في قائمة المنتخب الأول، وننتظر انضمام أسماء أخرى غير الثلاثي الذين ربما تمت الاستعانة بهم.