د. محمد عبدالله العوين
مع مطلع 1400هـ إلى 1405هـ كانت (الجزيرة) تنطلق بقوة إلى التفوق في سباق محموم لا يخفى على أحد بين الصحيفتين اللتين تتقاسمان القراء في المنطقة الوسطى على الأخص ثم في بقية المناطق حيث لا تستطيعان منافسة صحيفتين رئيستين في المنطقة الغربية؛ هما عكاظ والمدينة.
كنا في التحرير نلقي نظرة سريعة في الصباح الباكر على العنوان الرئيس في الصفحة الأولى من (الرياض) بم احتفلت؟ وكيف صاغت الخبر؟ وما حجم البنط؟ ثم ما هو الخبر الثاني على الصفحة الأولى؟ وما موضوع افتتاحية الجريدة؟ ثم يدور نقاش طريف أحيانا وساخن في أحايين أخرى حين يرى رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك أن الرياض تفوقت في صياغة الخبر بطريقة لافتة وجاذبة؛ بينما كانت صياغة محرر (الجزيرة) للصفحة الأولى لم تكن بالقدر المنافس، وهكذا تمر العيون الفاحصة على بقية صفحات الرياض، المحلية، التحقيقات، الرياضة، المنوعات، الأخيرة.
وتبلغ الطرافة حد القهقهة حين تقع عين أحد الحاضرين لجلسة التعقب هذه على هفوة أو عدم توفيق في اختيار عنوان أو افتتاحية باردة للرياض، وإذا كان رئيس التحرير ومن حوله من طاقم التحرير على مستوى القيادات في الجزيرة يقلقون كل صباح حين تتفوق (الرياض) في عمل صحافي مميز؛ فإن الزملاء في الجانب الآخر أيضا يمارسون الأسلوب نفسه كل صباح وعلى رأسهم كبيرهم الأستاذ تركي السديري - رحمه الله.
وقد أفاد هذا الشعور المحموم بعدم ترك الساحة للخصم اللدود يتفرد بها من حيث التوزيع وعدد القراء رقيا مشهودا في صناعة الصحافة، وحقق ذلك النجاح والتميز الذي وصلت له الصحيفتان المرموقتان.
وامتد التنافس المحموم إلى استقطاب الكفاءات المميزة في التحرير والكتابة، فحظيت (الجزيرة) بنخبة رائعة من الأسماء الصحافية اللامعة التي أصبحت في تلك المرحلة نجوما بارزة وأقلاما مقروءة وحضورا مؤثرا في التحرير والإدارة وكتابة المقال؛ وممن كان لهم تأثير في التحرير والإشراف وقيادة العمل الصحافي الأستاذ عثمان العمير قبل أن يعين مديرا لمكتب الجزيرة في لندن، فكان مكتبه صاجا ضاجا بالحوار الطويل في حالة هدوء العمل وإنجاز ضروراته الملحة، أو التعليقات السريعة التي يلقيها وهو عابر يمر على المكاتب ويقف على رؤوس مخرجي الصفحات، وكانوا جلهم من السودان ولبنان، وفي شهر أو يزيد كان عبد الرحمن الراشد يشارك كتابة أو تحريرا في إجازته من دراسته في أمريكا بمقال في زاوية أو رأي في صفحات بلطف وأدب جم وابتسامة مشرعة في وجه من يلقاه.
وحفلت الجزيرة أيضا بأسماء صحافية مميزة أسهمت في رقيها وتفوقها كمحمد التونسي، محمد الوعيل، حسين الفراج، عبد الله ناصر الشهري، حمد القاضي، محمد العتيق، مسفر الغامدي، محمد الأحيدب، صالح الأشقر، حوفان الشمراني، عبد الله الثميري، جاسر عبد العزيز الجاسر، وغيرهم، وليعذرني الزملاء الأعزاء الذين لم تسعفني الذاكرة بتدوين أسمائهم. في الجزء الخامس: إصدار المسائية.