فهد بن جليد
المبادرة انطلقت (ليلة البارحة)، ولم تخب معها توقعاتنا بتغير حال المسرح السعودي في عام 2020م؛ لذا نقرأ تدشين المسرح الوطني كنتيجة طبيعية للخطوات والوثبات التي تقودها بفاعلية وزارة الثقافة لدعم مختلف الفنون الثقافية والموسيقى بكل أشكالها، التي شملت التعليم والابتعاث؛ وهو ما يفتح شهيتنا أكثر لتحقيق المزيد، واختصار (عجلة الزمن) حتى نكون في مكاننا الطبيعي في صدارة المشهد الثقافي، وإن ظل سقف التطلعات عاليًا إلا أن مثل تلك الخطوات العملية والجادة والداعمة مقدَّرة، وليس من السهولة اتخاذها. ونحن نرقب ظهور الضوابط والاشتراطات اللازمة لمنح تراخيص لمسارح تجارية، أو أماكن عرض خاصة ومستقلة، يملكها رجال أعمال، أو شركات استثمارية، أو حتى جهات حكومية وخاصة، تستثمرها لإقامة حفلاتها ومناسباتها، ومن ثم تأجيرها لتقديم العروض المسرحية التجارية.
إغلاق شعبة المسرح في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود (قبل عقدين) من الزمن كان علامة فارقة ونقطة تحول، لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن مسيرة المسرح السعودي. اعتقدنا معه أننا فقدنا أمل عودة تجربة مسرحية أكاديمية سعودية مكتملة، وإن حضرت الفنون الجميلة على استحياء في بعض الجامعات السعودية نتيجة اجتهادات فردية هنا وهناك، ولكن المقام لم يطُلْ بنا؛ فقد اختصرت وزارة الثقافة الزمن بفضل شغف وثقافة سمو وزيرها الذي رسم نهجًا جديدًا، استلهمه من رؤية المملكة 2030؛ ليأخذنا إلى المكان والمكانة التي تليق بالثقافة والمثقف السعودي.
مسرحية (درايش النور) التي يقام عرضها الثاني مساء اليوم ليست فقط باكورة إنتاجات المسرح الوطني السعودي، بل هي العلامة الجديدة التي سيعقبها أعمال مسرحية وإبداعية أخرى كما هو منتظر؛ لتتحرك العجلة من جديد بتعزيز إمكانيات المسرحيين السعوديين أكثر وأكثر بعد مدة التوقف الطويلة، والكساد التي عاشوها.
الدعم حتمًا سيشمل كل الأشكال الفنية والإبداعية والثقافية التي لم تعد ترفًا كما كان ينظر لها سابقًا، بل هي حاجة ثقافية وفنية مُلحة، وهوية وطنية ومجتمعية، يجب الانتباه لها وإبرازها.
وعلى دروب الخير نلتقي.