فهد بن جليد
بصعوبة تجاوزنا مسألة عدم تعليق الدراسة أثناء هطول الأمطار، عقب اقتناع صاحب الصلاحية بضرورة ذلك حفاظاً على سلامة الطلاب، ولكن سرعان ما عدنا للمربع الأول مع موجات البرد القارسة بتفاوت أوقات بدء الدراسة لكل منطقة، فيما مناطق أخرى لم يتم تحريك ساكن فيها رغم أنَّ درجات الحرارة لم تتجاوز الـ3 درجات فوق الصفر في فترة الصباح الباكر، وفي مقدمتها الرياض العاصمة التي مازالت الدراسة فيها كما هي دون مُراعاة سلامة وصحة الأطفال خصوصاً في المراحل الأولية والتمهيدي والروضة، رغم مُناشدة الآباء الذين وقعوا في حيرة من أمرهم ما بين خيارين، إمَّا تعريض الأطفال للبرد القارس والذهاب بهم للمدرسة، أو منعهم من الذهاب ليسجل عليهم غياب يوم أو يومين، بل حدثني أكثر من أب أنَّه دخل في حرج مع أطفاله المُتعلقين بالدراسة لإقناعهم بالغياب وعدم الذهاب للمدرسة، لأنَّهم يعتقدون أنَّ الغياب الذي فرضه الأب عليهم سيضر بهم، فيما هو قرار شخصي اتخذ لحمايتهم في الأصل.
تعطيل الدراسة أو تعليقها بسبب ظروف ومخاوف تخص سلامة الطلاب والمدارس أمر (غير سيئ) بل هو واجب في بعض الأحيان، تتخذه حتى بعض الدول الُمتقدمة صناعياً وعلمياً لسلامة الطلاب والمدارس، ونحن لسنا ببعيدين عن تعطيل الدراسة في الصين وهونج كونج وغيرهما هذه الأيام بسبب كرونا، وهي مخاوف لا تختلف كثيراً عن مخاوف الثلج والمطر والسيول والفيضانات، التي تسبَّبت في تعطيل الدراسة سابقاً في عدة دول أوروبية وأمريكية، لذا أتمنى أن يتشارك معنا الهم والمُخاوف أصحاب الصلاحية من قادة المدارس ومديري التعليم في المناطق، ليتفهموا أنَّ تعليق الدراسة أو تأخيرها أو تعطيلها لا يدل على التراخي أو التكاسل، وأنَّ استمرار الدراسة أثناء الأمطار وموجات البرد القارسة ليس دليلاً على الاجتهاد والجدية، بل على العكس، الأمور لا تؤخذ على عوهنها، هناك مسطرة مُختلطة للضبط النظامي والمشاعر الأبوية والإنسانية، ففي التعطيل أو التعليق أحياناً أكبر حافز للاجتهاد والعطاء من الحضور والمُخاطرة.
إذا لم تتمكن المدارس وإدارات التعليم من تعليق الدراسة أو تأخيرها بسبب البرد، فأرجو أن تتعامل مع غياب الطلاب في هذين اليومين بروح النظام، وتفهم السبب بالتعامل معه كعذر مقبول لا يوجب الخصم من الدرجات أو المُساءلة والحرمان، فسلامة أطفالي مسؤوليتي قبل أن تكون مسؤولية المدرسة، في لم ننجح كشركاء في ذلك.
وعلى دروب الخير نلتقي.