صيغة الشمري
شاهدنا المصارعة الحرة والجدال القاسي والمر الذي حدث بين روائي سعودي وناقد في ندوة أقامتها وزارة الثقافة مشكورة على محاولة إقامة حراك ثقافي يحرك مياه الثقافة السعودية الراكدة والتي بدأنا نخاف عليها أن تصبح آسنة -لا سمح الله- نتيجة إهمال الجميع لها وعدم الاهتمام بها، الجميل في هذه الندوة هو الحضور الجميل الذي حرص على التواجد مبكرًا للاستماع والاستمتاع، لكن الذي حدث في الندوة من سجال شرس وتراشق اتهامات وتهميش كل طرف للآخر بين روائي وناقد يعتبران قدوة للشباب السعودي والجيل الجديد من المثقفين السعوديين، لغة الإقصاء كانت حاضرة بقوة، لم تختلف عن لغة أي شابين سعوديين يتناقشان في استراحة عن ناديهما المفضل على صوت إيقاع «المعسل» في لغة غير معسولة، تحدث الناقد وهو يكاد يجزم بأنه لا يوجد روائي سعودي حقيقي، وتحدث الروائي ويكاد يجزم بأنه لا يوجد ناقد سعودي حقيقي. مؤلم أن ترى مداخلات الحضور أكثر ثقافة وتحضرًا من المثقفين أنفسهم الذين كان يفترض بهم أن يستحضروا رسالتهم الأهم للناس، في ترسيخ وإحياء أدوات الثقافة. لم تكن ندوة ثقافية تخاطب الفكر وتحاول تقديم فائدة ثقافية للحضور، لغة التهكم والتهميش التي تم تبادلها بين الطرفين المتصارعين على مسرح الندوة تكشف حالة مشهدنا الثقافي الرديء، وتوجب بسرعة التدخل عبر تغليب الأمور الأهم على أمور المثقف الشخصية. نجحت الندوة صحفيًا بكشف حالة الرداءة التي يعيشها مشهدنا الثقافي وفشلت ثقافيًا بامتياز!
الناقد والروائي في مصارعتهما الحرة منعا الجمهور وبقية المشاركين من بناء ندوة ثقافية تحاكي التغيرات الحضارية الهائلة في مجتمعنا والتي يبدو أن مثقفينا لا يوجد منهم من هو قادر على مجاراة ومواكبة القفزات الوطنية الكبيرة نحو الحضارة.