د.عبدالعزيز العمر
في دراسة كانت عينتها مجموعة من السجناء الأحداث (ممن هم دون السن القانونية) تبين أن معظم المتورطين في جرائم العنف والقتل والمخدرات لم ينالوا قسطًا كافيًا من التعليم. بل لقد ثبت بالبحث وجود علاقة إيجابية واضحة بين معدل ارتكاب الجريمة من جهة وضعف مستوى القراءة والكتابة من جهة أخرى. هذا يعني أن التعليم يجب أن يبقى هو دائمًا خط الدفاع الأول ضد الجريمة، في هذا الشأن هناك مقولة مفادها أن كل قرش نخصصه لميزانية التعليم سيتم توفيره من ميزانية السجون، لكن هذه المقولة لن تتحقق بالطبع إلا إذا كان التعليم نفسه تعليمًا نوعيًا عالى الجودة، تعليم يواكب مستجدات العصر ويحترم عقل وكرامة واختيارات الطالب، ويوفر له البيئة الداعمه لتعلمه، وإذا لم يحقق التعليم مثل تلك الصفات المميزة فإنه يتحول إلى مجرد عبء مالي ثقيل على الدولة. والملاحظ أنه في كل دول العالم تظهر الجريمة بصورة أوضح في الأحياء التي يقطنها أفراد منخفضو الحالة الاجتماعية الاقتصادية كمؤشر على تدني الحالة التعليمية. إن مما يؤيد وجود علاقة بين مستوى التعليم ومعدلات الجريمة قيام بعض دول شمال أوروبا (حيث التعليم الجيد) بإغلاق بعض سجونها لعدم وجود زبائن، بل إنها فكرت في تأجير سجونها على دول أخرى أو إعادة تأهيل بعضها بغرض استثمارها في نشاط آخر.