د. أحمد الفراج
ربما أن من أصدق المقولات التي قيلت عن التكنولوجيا، هي: «أن الغرب يصنع التقنية، ثم تستخدمها الفئات المتخلفة لنشر التخلف والقيم البالية»، وأتذكر ذلك كلما وقعت مصيبة من بعض من يطلق عليهم نجوم السوشال ميديا، فربما أن الجميع يتفق على أن الأمر وصل درجة من الإسفاف لا يفترض السكوت عنها، فقد وصل الأمر درجة نشر محتوى يعترض على بعض القرارات التنموية، ناهيك عن نشر كل ما من شأنه إثارة البلبلة، ونشر الفرقة، وكأننا لم ننته للتو من محاسبة كل من يسعى لذلك من حزبيين وغيرهم، وغني عن القول إن بعض من يطلق عليهم نجوم، يتمتعون بخواء فكري من طراز نادر، إذ هم فقط من المحظوظين، الذين جربوا حظوظهم مع هذه التقنية السهلة، فتحقق لهم شيء من الانتشار، وما تبعه من دخل مادّي ممتاز، فقرّروا ممارسة كل ما يحلو لهم، خصوصًا في ظل انعدام وجود قوانين كافية، تحكم استخدام هذه التقنية الجديدة والخطرة في ذات الوقت.
المصيبة أن الأمر تجاوز مسألة الاستعراض، وإثارة البلبلة، إلى كسر القوانين، نعم كسر القوانين، لأن هذا السلوك المتخلف يبعث على الإثارة، التي بدورها تجلب الجماهيرية، وما يتبع ذلك من إعلان ودخل مادي مرتفع، ويكون الأمر أسوأ، عندما يحدث ذلك خارج الحدود، ويسيء للبلد، وهذا تطور خطر، ولا يراودني شك في أن مرتكبي هذه الأفعال، التي تسهم في نشر السلوكيات الخاطئة، وتشجع على مخالفة القوانين، لا يعنيهم ذلك في شيء، فهم مثل الطفل الذي يستمر في فعل الخطأ، حتى يتم إيقافه عند حد معين، وسبق أن تطرقت إلى هذا قبل فترة غير قصيرة، ومنذ ذلك الحين، تطور الأمر بشكل يستدعي التوقف عنده طويلاً، فليس هناك أسوأ من ترسيخ السلوكيات الخاطئة، خصوصًا ما يتعلق بالاستهتار بالقوانين، في وقت يعمل المسؤولون بكل جهد، وعلى كل مستوى، لتصحيح الصور الخاطئة عن بلدنا خارجيًا، ومن هذا المنبر الموقر أتمنى أن يتم الالتفات لهذه الظاهرة المزعجة، وسن قوانين صارمة، تعاقب كل من يتجاوز بطرح أي محتوى غير مقبول، لأن كل شيء يشير إلى أن الأمر تفاقم لدرجة يصعب معها السكوت، فهل نشهد تحركًا سريعًا؟!. نتمنى ذلك.