ليس من السهولة مطلقًا الكتابة عن الأصدقاء، ولا سيما أن هذه الصداقة نابعة من اتفاق بالميول والأهواء وإلى حد كبير الحياة، هذا ما حدث لي مع الصديق خالد بن أحمد اليوسف المسعود، فعندما بدأت أكتب عنه فوجئت أنني أكتب عن نفسي، فنحن نعيش داخل دوائر محدودة، المكتبات، الصحافة، الأدب، وتحديدًا القصة والرواية، المشاركات الثقافية داخل وخارج المملكة، لذا حاولت أن أبحث عن شيء مختلف، لا اتسم به، أو بمعنى أدق يتميز به، عندها فوجئت بأن هنالك أشياء كثيرة يتميز بها، ربما أبسطها للاستفادة من تحصيله العلمي لخدمة الثقافة والأدب، هنالك مجموعة من الزملاء تخرجوا من أقسام المكتبات، بعد أن تعلموا الفهرسة والتصنيف والتكشيف والببليوجرافيا، واقتصرت ممارستهم على عملهم بالمكتبات، أو بعض المشاركات البسيطة، على عكس الصديق خالد اليوسف الذي تبنى عملاً مؤسسيًا برصده الثقافة والأدب السعودي، بل توسع النطاق ليشمل الجزيرة العربية، وليصدر عدد الببليوجرافيات التي ترصد حركة النشر فيها، وليصبح مرجعًا مهمًا لكل دارسي الأدب في المملكة تحديدًا عن تطور الشعر والسرد والدراسات النقدية إضافة إلى حركة النشر.
وبحكم علاقتي القريبة منه، أعرف مدى إخلاصه بالرصد والمتابعة، وتكبله مشاق السفر وحضور معارض الكتب واقتناء ما يخدم متابعته، إضافة إلى متابعة الأخبار المختلفة عن كل إصدار، هذا العمل يكلف كثيرًا من الجهد والمال، وبالطبع مخرجاتها تهم كثيرًا من الباحثين، الذين يطلبون منه بعض المعلومات ويقدمها لهم بصدر رحب، ومن المفترض ألا تقدم أي معلومة إلا برسوم ولو كانت بسيطة، ودائمًا اتجادل معه حول ذلك، ويرد على بأن ما يقدمه خدمة للثقافة والأدب في المملكة. خالد اليوسف يمتاز بسعة الصدر، فأعرف أن لديه مشروع معجم للأدباء في المملكة، وكان يتصل على كثير ممن كانت لهم مشاركات ثقافية، لحسن الحظ أن الأغلبية يتجاوب ويعطيه المعلومات الشخصية التي يطلبها، ولكن يصادف أحيانًا بعض المحبطين في الثقافة الذين تكون اجابتهم سلبية، أو..، وعلى الرغم من ذلك يسعى للعدالة بعدم التأثر بأي موقف عند قيامه بالرصد وتجميع المعلومات، لذا فهو ليست لديه مواقف شخصية تجاه أحد وهذا ما جعله محبوبًا من الجميع. إذا توقفنا عند عمله بالرصد والببليوجرافيا والتكشيف، فيعد عملاً مؤسساتيًا، وأتمنى أن تستفيد منه وزارة الثقافة، وهذا يذكرني أيضًا بالصديق علي السعيد في رصده للحركة المسرحية في المملكة، وسبق أن كتبت عن ذلك في زاوية ضوء منذ أعوام. أمر مهم، يجب أن نعرف أن خالد اليوسف مبدع متميز، أتمنى وأنا دائمًا أكرر ذلك ألا ينظر له كباحث وحرفي مكتبي، هو قبل كل ذلك سارد متميز، وأعماله القصصية والروائية شاهدة على ذلك، وأعتقد أن لديه الكثير، بالذات فيما يتعلق بذاكرته عن مدينة الرياض، فسيرته التي ينشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدًا الفيسبوك شاهدة على ذاكرته الخصبة، ونصوصه التي ينشرها في أوقات متباعدة دليل على أنه من أعمدة القصة في المملكة. هناك كثير من الأصدقاء أشعر بفرح عند الإشادة بهم أو تكريمهم، لأن ذلك نوع من التكريم لنا، سواء في القصة أو الرواية أو المسرح، وهذا بالطبع ينطبق على الصديق خالد اليوسف، ونجاح أي أديب أو حصوله على جائزة، مفخرة للوطن أولاً وتأكيد على أننا نقدم شيئًا يحظى بالتقدير والتكريم والإشادة.