ليس من العمر بيننا فارق ذو بال، عرفته في حدود 1404هـ، إذ كان ينتقل عمله إلى الطائف صيفاً، والجامع بيننا أديب ومثقف هو ثاني اثنين شكلا منعطفاً في ثقافة الطائف وحداثتها الأدبية أعني الدكتور عثمان الصيني، وحيث كانت مكتبة الدكتور عثمان النحوي اللغوي الأديب مقصداً للنفر القليل الذي أصبح من منسوبي الجامعات أو التعليم العالي من أهل الطائف. وللشباب من الكتاب والمبدعين في الطائف أذكر منهم عبدالعزيز الصقعبي وقصته ذات العنوان المكثف ( لا ليلك ليلي ولا أنت أنا ) حيث احتلت القصة في الصحافة حضوراً ونشراً ومتابعة من نقاد الحداثة الناشطة في عقد الثمانينيات من القرن الماضي التي وجدت في القصة القصيرة الجديدة بما فيها من شعرية لغوية وكثافة رمزية وغموض ضارع الغموض في القصيدة الحداثية فدخلت معمل القراءات النقدية تطبيقياً لتبرير الكثافة والغموض والرمز في الأنماط الأدبية شعراً وسرداً.. كان تواجد خالد في الطائف ولقاءاتنا المعدودة تتناول هذه الأفكار في مكتبة د. عثمان الصيني أو في مقهى نجمة الذي يرتاده كثير من إعلاميي الطائف ومثقفيه وأدبائه الشباب أو من الذين يقضون صيفهم فيه أو جزءا منه.
عرفت خالداً اليوسف صحفياً أول وهلة ثم قاصاً، شاباً مهموماً بالثقافة والكتاب الأدبي بشكل خاص، يسبر الأدب والثقافة عبر لقاء مثقفيها بعد أن سبرها عبر الملاحق الثقافية في الصحف في فترة كانت الملاحق الأدبية ذات شأن في نشر الإبداع وفي التعريف بمبدعي المناطق المختلفة.. خالداً الذي كتب القصة القصيرة ثم الرواية ليكون واحداً من جيل الثمانينات والتسعينات في السرد وهي مرحلة اختلف فيها أسلوب القص وشيوع القصّ باعتبار القصة القصيرة إذ ذاك نموذجاً للقراءة الأدبية من لدن النقاد الجدد المبشرين بحداثة لغوية وفنية دعوة لها وتأصيلاً وتقديماً لمبدعيها في المنابر المتاحة في الأندية الأدبية والصحافة الثقافية. لكن خالداً اليوسف فوق أنه كان سارداً قدم للسرد بمتابعاته الببيلوجرافية تاريخاً وتوثيقاً لم يقم به غيره من الأفراد والمؤسسات، وما زال همه الثقافي الوطني أن يستمر في فهرسة الإصدارات السردية ليتاح للنقاد والقراء والمتابعين المهتمين أن يجدوا بين أيديهم مسالك التأتي إلى القصّ عبر العقود الماضية من حيث الكثرة والشيوع والنشر وأماكنه، وهو الجهد الأسّ الذي ينبغي على النقاد متابعة فحصه وتقييمه ونمذجته وفق مدارس واتجاهات سردية يمكن من خلالها تتبع أنماط التأثر والتأثير في القصة السعودية منذ نشأتها حتى الآن، واكتشاف عوامل التأثير في شيوعها أو انحسارها وتأثير أنماط السردين، قصة قصيرة وقصيرة جداً، ورواية فيما بينها حضوراً تراثياً عاماً وتراثياً مختصاً لدى نقاد السرد، كما حضورها كتابياً بين الذين هجروا أو كادوا نوعاً سردياً لصالح نوع آخر كالرواية مثلاً أو القصة القصيرة جداً. وإن لخالد اليوسف فوق أنه أديب سارد ستخلده أعماله الإبداعية خلوداً من نوع آخر، إذ سيئول إلى ببيلوجرافياته المتعددة الباحثون والمهتمون بشأن الأدب العربي في المملكة العربية السعودية.