منذ أن اشتغلتُ الاشتغال الجاد بالأدب وأنا لم أعرف رجلاً أحبَّ الأدب السعودي كما أحبَّه الأديب الباحث خالد بن أحمد اليوسف، فقد أحبَّ أدب بلاده شعراً ونثراً إلى الحدِّ الذي ظننت أنه قد حمله في قلبه أو فوق رأسه أو فوق ظهره ومشى يطوف به البلاد ويعرضه على العباد كبضاعة نفيسة ويقدِّمه كهدية ثمينة، وهو في كل الأحوال ناقل له ومتحدث عنه ومعلن ومسوق له. لقد توحَّد مع أدب بلاده كتوحد جندي بسلاح أو راية، ولو أفرطتُ في تقييم عشق خالد اليوسف للقصة والرواية السعوديتين خاصة لتوهمت أنهما ابن أو ابنة له، ذلك خالد الذي خلَّد نفسه المدوّن والراصد الوحيد للإنتاج الأدبي وخاصة السردي منه في المملكة العربية السعودية. لقد اضطلع - وهو فرد - بمهام مؤسسة أدبية، كان فرداً بروح جماعة.
وإذا ما عرجنا على مستوى المعاضدة للأديب السعودي نفسه وليس إنتاجه فحسب، فهو أول المهنئين لأي أديب يفوز بجائزة أدبية عربية أو محلية، ويرشح غيره من الأدباء في حقلي القصة والرواية خاصة ويؤثرهم على ذاته في المهرجانات الأدبية والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها وفي المناشط المنبرية التي تقيمها الأندية الأدبية (الأمسيات القصصية)، ويتتبع الموهبة السردية منذ أن تتفتح براعمها إلى أن تكبر فتحظى بعنايته غير المباشرة وغير الجارحة ودون منٍّ أو أذى يلحقه بها، وأعظم ما يفعله في الخفاء أنه يقوِّم كسر زميله الأديب السعودي ويسعى بما له من قبول لدى الجميع من أدباء الوطن إلى سدِّ حاجته، وكأنه بفعله هذا، أو بفزعته تلك قد دشَّن البداية غير الرسمية لصندوق دعم الأديب السعودي.
ولك أن تتخيل حجم الثقة الكبيرة التي يوليها له المبدعون السعوديون والمبدعات، ومدى الاستعانة به في ما يعرض لهم من حاجات، وما صفحته في الفيسبوك (نادي القصة السعودي) سوى جامعة أدبية عربية مصغرة اجتمع فيها قصاص الضاد من المحيط إلى الخليج، ينشر لهم إبداعاتهم السردية بحصص تكاد تكون متساوية للأدباء المنتمين إلى الأقطار العربية كافة، وقد بات من الضروري أن يعرف القارئ والمتابع والدارس أنه يفرح إذا ما جاءت مشاركة تمثل بلداً أدباؤه مقلِّون في النشر في الصفحة التي يديرها، ويتألم لعدم مشاركة قصاص من مثل موريتانيا وجيبوتي والكويت وعمان وتونس. وإذا أردتَ أن تستمع بقراءته روائياً فاقرأ له روايته «نساء البخور» لتجدها خير معبِّر عن عشقه للمكان (الرياض) وعن تمثيلها لشخصه على أنه الكاتب الذاكرة، أو الكاتب الشاهد الحي، أو الكاتب الإنسان.