لا شك في أن الهوية الإسلامية تتميز بخصائص لا تتوافر عند غيرنا من أصحاب العقائد الأخرى، حيث إن هذه الهوية لا تنفك عن الشريعة الإسلامية التي تستمد أحكامها من الوحيين، وهي هوية موروثة منذ أكثر من 1400 سنة وستستمر إلى قيام الساعة، وهذه الهوية تتمثل في أشياء عديدة كالعمارة الإسلامية مثلاً التي تأخذ شكلاً ونمطًا ثابتًا يمتد من الصين إلى الأندلس، وأيضًا تتشكل الهوية في اللغة العربية الخالدة التي تعد من أغنى لغات العالم ألفاظًا ومن أفصح اللغات تحدثًا، ولا نزال نرى كثيرًا من الشعراء المعاصرين يستقون من أسلوب امرئ القيس مرورًا بالفرزدق والمتنبي ووصولاً إلى شوقي وحافظ.
ولو تأملنا في بقية أشكال الهوية الإسلامية لوجدنا أن من أكثرها وضوحًا اجتماع المسلمين في الصلوات خمس مرات في اليوم والليلة، وهذا الاجتماع يعكس صورة واضحة عن الإسلام، حيث إنه دين وحد جميع المسلمين على كافة الأطياف، وأكسبهم قوة حسية ومعنوية في المقام الأول، وهذا الاجتماع مفقود لدى كثير من أصحاب الملل والنحل الأخرى، مما أعطى صبغة أخرى للمجتمع المسلم.
ومما يميز هويتنا الإسلامية هو الفكر الإسلامي النقي الذي يتمثل في تلك المؤلفات الكبيرة في شتى صنوف المعرفة، ولكن في الوقت الحالي أصبحت الهوية الإسلامية أضعف مما كانت عليه، وذلك راجع إلى عدة أسباب من أهمها ضعف التمسك بالدين وقلة الإنتاج الفكري والابتكار مقارنة بما كنا عليه أيام الحضارة الإسلامية إضافة إلى أن بعض من ينتمون للإسلام استوردوا بعض العادات الغربية والشرقية التي لا تتماشى مع روح الهوية الإسلامية، وقد يعجب الواحد منا عندما يعلم أن رئيس فرنسا الراحل جاك شيراك رفض فكرة بناء مطعم ماكدونالدز في برج إيفل لأنه على حد قوله يرى أن برج إيفل يعد رمزًا يمثل الهوية الفرنسية وماكدونالدز تعد سلسلة مطاعم أمريكية كما هو معلوم.
ولو رجعنا إلى عصور المملكة الإسلامية الذهبية لوجدنا أن هناك عديدًا من الابتكارات والمخترعات التي اخترعها المسلمون، فمثلاً يعد جهاز الأسطرلاب ابتكارًا إسلاميًا خالصًا ولكن ليس له وجود حاليًا لأن هناك مخترعات أقوى وأحدث، وأيضًا لا ننسى أن أول من قاس محيط الأرض هم المسلمون وذلك عن طريق استخدام قانون الزوايا، ولكن هذا الاكتشاف أصبح ضعيفًا، لوجود وسائل أسهل منه وأسرع وأدق في الحصول على النتائج، والمستقبل قريب إن شاء الله بأن هويتنا سترجع إلى ما كانت عليه أيام عصورنا الذهبية.