فيصل خالد الخديدي
أفق الفن متسع لا حدود له متى ما كان مبني على علم ومعرفة ووعي وتجربة ونابع من صدق الفنان وحقيقته الشخصية والمجتمعية، وتنوع أطياف الفنون أمر مثري ويتناسب مع تنوع الأذواق واختلاف الشخصيات وتعدد الرؤى والمناخات الإنسانية والتاريخية والمجتمعية، والاختلاف من طبيعة البشر، وكل الموجودات باختلافها تكتمل الصورة وتنتظم المشاهد، ونظريات الفن تنوعت على مدار التاريخ فمن أقدم الاتجاهات في الفن وأكثرها انتشارا والذي يعتمد على محاكاة الفنان لعالم الأشياء المحيطة في نظرية المحاكاة، حيث كان يرى أرسطو أن الفن محاكاة للطبيعة، وتأتي المحاكاة بعدة أوجه بسيطها الذي يسعى لمشابهة العمل الفني للواقع بحدٍ كبير، ومحاكاة الجوهر وهو ما يبحث في جوهر الشيء في الموضوع الذي أمامه ويؤكد عليه، أما محاكاة المثل العليا فيتجه إلى محاكاة ما يليق من الطبيعة من الناحية الأخلاقية, ومن النظريات الفنية التي تندرج تحتها العديد من الأساليب الفنية تأتي النظرية الشكلية ويأخذ فيها البناء الشكلي والعلامات الشكلية في العمل الفني محور الاهتمام أكثر من الدلالة الأخلاقية، أما النظرية الانفعالية فتقوم على حضور عدة أمور في الفن من أبرزها انفعالية الفنان وفردانيته وإخلاصه لعمله مستحضراً الخيال والتخيل والابتكار، وتأتي النظرية النفسية (السيكولوجية) لتقوم على فهم الطبيعة الإنسانية للفنان وطبيعة العملية الإبداعية علمياً وأهمية الفن في حضارة الشعوب, أما نظرية التلقي فكان لها رؤية مختلفة من أنها ترى المشاركة الفعالة بين المبدع والمتلقي والفهم الحقيقي للفن ينطلق من إعادة الاعتبار للمتلقي بكونه المرسل إليه وهو المستقبل والقارئ الحقيقي لها.... تعددت وتنوعت نظريات الفن بين الشكل والجوهر والمظهر والمحاكاة وإشعال الفكر والخيال والوجدان وكل منها مبني على أسس ترتسم ملامحها بالوضوح والمصداقية التي تتخذ لها زاوية من الرؤية تنطلق منها والفكر الذي تتبناه والفلسفة التي تتكئ عليها، وعادة ما تقوم على دراسة بشكل منطقي وعقلاني لتصل لاستنتاجِ مجموعة من الخلُاصات والنتائج التي تساهمُ في تعزيز الفكرة الرئيسيّة التي تُبنى عليها أفكار هذه النظريّة وترى الجمال والإبداع وفق نسق من المفاهيم والقوانين التي تقدمها بطريقة مختزلة تخدم العملية الفنية وتثري تنوعها.