شريفة الشملان
مقومات أي شعب نحو الرقي، التربية والتعليم والصحة العامة.
التربية هي أول الدرجات وتلك بدايتها البيت من السنين الأولى، لا نقول طفلا صغيرا، العاطفة شيء جميل أن نغمرهم بها، لكن الأجمل أن نعدهم للمستقبل، مستقبلهم ومستقبل الأمة.
طفل السنة يستطيع رمي ورق التنظيف في سلة المهملات، ويستطيع تسليم الإناء غير القابل للكسر للمطبخ القريب، كلما كبر قليلا زادت قدراته البدنية والإدراكية. قد نكون بمكان عام ونجد طفلا أو طفلة يسارع لتنظيف طاولة الطعام. نزع الصغير حذاءه قبل دخول المكان المغطى بالسجادة، لا يستوجب الضحك من بعضنا ولكن يدل علة تعليم جيد للنظافة، والنظافة مقرونة بالصحة، إذا كان من علمني حرفاً كنت له عبداً كما قيل بالأمثال فمن علم الصغير حسن التربية قولاً وفعلاً فهو خدم الوطن وأنشأ جيلاً نظيفاً ومؤدباً.
تعودنا احترام الكبير وكنا منذ صغرنا نقبل رأس ويد من يكبرنا سناً ونحترمه.
هل تغيرت التربية؟
تغيرت كثيراً جداً، لذا لابد من إعادة ترتيب الأولويات. وأهمها اقتصار وقت مشاهدة على جزء يسير من وقت الأطفال فأحياناً لا يحس الصغار بمن دخل ومن خرج ورؤوسهم منكسة على الأجهزة. لم يعد الجهاز لوقت ترفيه أو عمل ولكن صار المربي الخطأ.
التعليم رأس مال الأمة، وهو خير من يصنع القوى للأوطان. عندما نركز على العلوم والرياضيات فنحن نواكب بل نسعى للإبداع الوطني ومن ثم نفع الإنسانية، فإذا كان مع ذلك حسن خلق وأدب ومعرفة كيف نقدم ما لدينا للعالم ولأنفسنا من قبل، فنحن بنينا ركائز ثابتة وقوية.
بعض منا يبحث عن نفسه وعن المنجزات بعيون الغرب، لا يهم ذلك إنما الذي يبقى هو نظرتنا لذاتنا ونبش عوامل القوة فينا ثم تقويتها وإعادتها لنا عبر التوجيه العام بكل طاقاتنا المجتمعية.. وهذا ليس كلام مرسل ولكنه الكلام الأصيل لتقوية الذات الوطنية.. إذا كانت الحروب تأكل الكثير من المحفزات المادية والمعنوية، فالسلم هو ما يبني دور العلم والتغذية الوطنية الجيدة ويحفز القوى الذاتية، السلم يشق الطرق الجيدة والحدائق الوارفة ويبني اقتصاداً قوياً يدعم كل سبل التنمية. عندما نكافح الفساد فإننا وضعنا لبنات قوية لحفظ الأموال العامة، وعندما نصرعلى تمكين المرأة فإننا خلقنا قوة عمل جديدة وعالجنا العرج بمجتمعنا. فأصبح يمشي مستوياً.
نعم كل ذلك وأكثر ولكن علينا بثقافتنا ودعم أساسياتها وأهم شيء أول مكونين، اللغة والدين.
نلاحظ أن اللغة سبقت الدين، لماذا؟
لأننا لن نفهم الدين جيداً بدون معرفة قوية باللغة. ولا يمكن أن نهتم بالتراث والفنون وكل سبل الثقافة قبل أن ندرك اللغة ومكوناتها واشتقاقاتها. الشعر والأمثلة والقصص التراثية ومن ثم تطوير الآداب التي تتماشى مع العلوم.. لقد كانت العلوم العربية نوراً ينور أفكار الأوروبيين الذي نعجب بهم الآن ويهمنا رأيهم فينا قبل أنفسنا. كان ما أخذوه من الأندلس باباً لهم، فكيف نغلق الباب علينا.
جميل أن نتعلم لغات العالم ولكن الأجمل ألا نخسر لغتنا أول مكون لثقافتنا فإن خسرناها خسرنا كل مكونات الثقافة.
يؤلمنا أن تفكير الصغار صار باللغة الأجنبية، بل بعضهم يستغرق وقتنا كي يجيبنا بالعربي لأنه يترجم للغته الأم. وهذا مخجل جداً وجداً. عندما نعلم صغارنا النظافة لابد أن يكون معها نظافة اللغة وحبها..
كيف نحبب لغتنا للطفل، عندما يجدنا نعشقها ونسارع للكلام معه باللغة العربية، نردد شعراً وحكايات بالعربية نغني له منذ صغره، والمؤسف أن أبناء الكبار والأغنياء هم من أصبحت المفردة الأجنبية تتسارع لأفواههم قبل العربية. بل حتى بعض المعنيين بالثقافة الجماهيرية.
واللهم جمَلنا بلغتنا كما جملتها بالقرآن الكريم، ورطب حناجرنا بذكرك..