عبدالكريم الحمد
لنذهب أولاً نحو نشأة هذه التقنية (العادلة)؛ لربما نزداد يقينًا بعدالتها كأداة مساعدة دون الخوض في عدالة القائمين عليها. صُممت تقنية الفار في أوائل عام 2010 تحت إشراف الاتحاد الملكي الهولندي لكرة القدم، واختُبرت لأول مرة (بشكل غير رسمي) خلال موسم 2012 في الدوري الهولندي الممتاز. علم رئيس الفيفا السابق (جوزيف بلاتر) بشأن هذه التقنية، لكنه عارضها بشدة، كما عارض إدخال أي تكنولوجيا جديدة في كرة القدم لأسباب غامضة. ولكن بعدما ترك (بلاتر) منصبه بسبب فضيحة الفساد في عام 2015 تلقى اقتراح الفار استقبالاً حارًّا من رئيس الفيفا الجديد (جياني إنفانتينو)؛ ليشعل شمعة عدالة في عالم كرة القدم الذي امتلأ في وقت من الأوقات بقضايا فساد المراهنات والتلاعب خلف أسوار المؤسسات القارية والمحلية الكروية.
رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الحالي (جياني إنفانتينو) حارب بضراوة لإدخال هذه التقنية في أعظم وأكبر المنافسات الكروية على مستوى المعمورة (نهائيات كأس العالم للمنتخبات) التي أُقيمت في الصيف الماضي في روسيا عام 2018 رافعًا شعارًا ردده كثيرًا في اجتماعاته ومؤتمراته الصحفية قائلاً: «كرة القدم هي الرياضة رقم 1 في العالم؛ لذا تستلزم الحماية». كما شدَّد على أن «الأمانة والعدالة والنزاهة هي قيم كرة القدم الأساسية. وهنا يلعب الفار دورًا مهمًّا»؛ فكان نتاج إيمان ذلك السويسري بهذه التقنية هو نجاحها بما نسبته 99.3 % في نهائيات كأس العالم بحسب تصريحات القائمين عليها؛ لتنتشر كانتشار النار في الهشيم في الدوريات العالمية والمسابقات القارية.
بعد تلك البدايات والتطلعات والنتائج التي قادها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم نحو إثبات فاعلية تقنية (VAR) لإرساء العدالة الكروية آمنت شخصيًّا بها وبأهدافها نحو تقليل مخاطر الأخطاء التحكيمية؛ لأستخلص من ذلك فكرة أن العيب ليس في التقنية وابتكارها، بل العيب في مَن يقف خلف إدارتها، وإبراز أو إخفاء قراراتها التلفزيونية؛ لتكمن المشكلة في اجتهادات أتحاشى الخوض في ذمتها، ولكن لا بد لأي اتحاد كروي أن يتلافى تلك الأخطاء المقصودة وغير المقصودة بتشديد الرقابة على بيت الداء (غرفة الفار) للتأكد من كواليس ونقاشات حكام التقنية وتعاطيهم مع حكم الساحة، وتصويب قراراته بالرجوع إلى التسجيلات، أو فرض مراقب مستقل لحصر أخطاء القائمين على التقنية.
قبل الختام:
على الاتحاد السعودي لكرة القدم ممثلاً في لجنة الحكام أن يبادر نحو إطفاء الجدل حول غرفة الفار التي باتت سمعتها دمارًا في الفترة الماضية؛ وذلك ليقيني بأن الخلل ليس في الفار، بل في صاحب القرار.