د. خيرية السقاف
بلى يا سيد الذوق والذائقة،
أدري إنك شغوف لصوت الكلمات حين تخرج أسرابا تحلق بك..
وأدري بأن القحط الذي ينزل بأرضها قد أنهك محراثك..
وأدري إن السراب الذي امتد في طرقاتها الطويلة قد خلب الذائقات ففرغت..
وأدري إن رائحة الأحبار التي كانت تنشيك قد تغيرت..
وأدري بأنك مذهول من فراغ، موجوع بغربة، مسكون بحسرة، مألوم بغوغاء..
أجل يا مكنونا بالمعاني، ثريا بالدلالات، مفعما بالتأويل، مندهشا بالمجازات:
أدري؛ قد أصابك فقد، وألمت بك خسارة، وغار فيك جرح لا يندمل،
حين أفقتَ فوجدت ما حولك مغموسا في تيه المعاني،
متضورا بفقر الدلالات، متخبطا بعجز التأويل،
غريبا في شتات المجاز..
أدري بأن طعم الأبجدية العسلي في فيكَ قد شابه علقمٌ مرٌّ..
وأن رسوم الحروف التي في مخيلتك فسيفاء بديعة التكوين قد غدت خيوطا محترقة من رماد..
وأدري إنك على شارفة جبٍّ تسقيه من نهر عينيك، وتمده بهواء رئتيك..
فسلاما على ذوقك، وذائقتك الآن...