هدى بنت فهد المعجل
هل فشلنا في التأسيس للنظافة؟ أم إن النظافة فشلت معنا؛ ونحن نرى القاذورات ممتدة، منتشرة، وقَذْفها مستمر من الأفراد خلال نوافذ المركبات، ومن المترجلين، ومن القاعدين، حتى شككنا من أين جاءت الدعوة إلى النظافة؟؟!!
نظافة الملبس.. نظافة المسكن.. نظافة المأكل، والمشرب.. نظافة الطريق.. وقبلها جميعًا نظافة الجسد. نظافة كل شيء نواجهه، ونتواجه معه، ونتعامل معه؛ وبالتالي نعتمد عليه، ونحتك به.
نظافة المرافق العامة ونحن نستخدمها استخدام غيرنا لها؛ فقد تم تهيئتها وتخصيصها لنا من أجل راحتنا، فلماذا إذا انتهى الفرد من استخدامها لم يحرص على تركها خلفه نظيفة كما وجدها؛ كي يستفيد منها مَن سيأتي بعده؟!!
* * *
أغلب الأماكن العامة والمجمعات التجارية يحرص أصحابها على نظافتها؛ فيخصِّصون عاملين أو عاملات من أجل متابعة المرفق، والاعتناء به.. وهذا أمرٌ حسنٌ ولا شك، بيد أن متابعة العامل والعاملة بهدف التأكد في حرصها وحرصه على نظافة المكان شبه معدوم انعدام ثقافة النظافة عند ثلة من مرتادي تلك الأماكن، إضافة إلى غياب الوعي للأسف.
في حين هناك مجمعات ومرافق أخرى لا تهتم الجهة المسؤولة عنها بنظافتها؛ بالتالي لا تخصص عمالاً ولا عاملات، ثم يشترك معهم الفرد مستخدم تلك المرافق في عدم الاهتمام. ولك تصوُّر منظر هذه المرافق بعده، ومستوى السوء الذي تركه خلفه وخرج!! فكيف به وهو يكرر زيارته لتلك المرافق؟!!
إذًا، فالنظافة مسؤولية تقع على عاتق الفرد مرتاد المنشأة، وعاتق صاحب المنشأة، أو الجهة المؤسسة لها والمسؤولة عنها. وإذا لم تتكاتف الجهود لن تكون النتائج مُرضية.
فكيف يمكن تكاتف الجهود؟؟!!
* * *
ليس ضروريًّا أن تكون المنشأة في وطني. قد أكون سائحة إلى دولة ما، وسلوكي الممارَس هناك هويتي التي أحملها، وبها أُعرف!!
في سياحة لي إلى دول أجنبية يلفت نظري وجود عاملة في كل مرفق من مرافقهم العامة. ولكي تستخدم دورات مياه تلك المرافق عليك أن تترك مبلغًا زهيدًا لدى تلك العاملة. ففي أي شيء تُصرف تلك النقود..!!؟
قطعًا في صيانة المرفق ونظافته.. لذا فإنك وأنت تستخدم المرفق تشعر بارتياح لنظافته، ووجود مَن يتابعه بعد خروجك اعتمادًا على المبالغ التي يأخذها من كل مرتاد لها.
قلما نجد هذه الظاهرة في مرافقنا ومرافق دول أخرى تشبهنا في ثقافة غياب النظافة. في حين أن الدولة - أي دولة - ينبغي عليها أن تُشعر الفرد بدوره في وطنه، أو في البلد الذي يسكن به ويقطن أو يسيح إليه.. ولن يتأتى له ذلك ما لم تشركه وتجعله يُسهم ولو بجزء بسيط من ماله وبدنه..
نعم، نحن نرى باستمرار حملات وطنية، هدفها نظافة البيئة، كبرنامج حملة مسح الشواطئ وتنظيفها.. ولكن ينبغي ألا تكون النظافة مجرد حملات تُطبَّق في وقت محدد، أو في موسم واحد.. ونحن نرى العائلة تستفيد من الشاطئ ومكان الترفيه.. وما إن تنوي القيام لمغادرته وتركه حتى تدع وراءها (المخلفات)، وقد تكون المسافة بينها وبين حاوية النفايات بضعة أمتار.. فما هو التصرف الذي ينبغي ممارسته معها كي لا يتكرر التصرف مرة أخرى..!!؟؟
أظنه العقاب.. أما عن نوعية العقاب فتحدده الجهة المسؤولة عن الشواطئ.
ولا تسألوني عن دورات المياه العامة فيها؛ فهي إلى (القرف) أقرب.. فعلى مَن تقع اللائمة؟.. ونظافة دورات المياه مرتبطة جدًّا بنظافة البيئة وسلامتها صحيًّا؛ لأنها مرفق مهم؛ إذ تقبل عليه أو تدبر مرارًا.. ودولة (النظافة من الإيمان) حتى الآن لم تضرب بيد من فولاذ على مسيئي استخدامها!!! فهل ستضرب قريبًا!!؟؟