محمد آل الشيخ
أعلنت بريطانيا أخيراً اعتبارها الجناح السياسي، وليس العسكري فقط، لحزب الله منظمة إرهابية؛ وهذا التصنيف يحمل في طياته أبعادًا سياسية وتفاصيل كثيرة ستنعكس ليس فقط على هذا الحزب الإرهابي فحسب، وإنما ستتسع لتشمل الحكومة اللبنانية برمتها حزب الله رسميًا جزء من الحكومة اللبنانية، بل والمسيطر الأول على مجريات القرار فيها داخليًا وخارجيًا، لذلك فأي تعامل سياسي أو مالي مع لبنان هو بالتالي تعامل مع منظمة إرهابية.
وبتصنيف البريطانيين حزب الله بجناحيه منظمة إرهابية لم يبق من الدول الأوربية المؤثرة يُقسِّم هذا الحزب إلى جناحين سياسي وعسكري سوى فرنسا، فالألمانيون سبق لهم وأن صنفوه بجناحيه منظمة إرهابية؛ والفرنسيون - كما هي عادتهم دائماً ما يأتون متأخرين، وإلا فإنهم في نهاية المطاف سيلتحقون بكبار الأوربيين تجاه هذا الحزب.
وفي تقديري أن هذا التصنيف في هذا الوقت بالذات يدل على أن ثمة قرارًا أوروبيًا بمحاصرة هذا الحزب والتضييق على حركته سياسياً، خصوصًا أن لبنان مقبل على تشكيل حكومة جديدة يُسيطر عليها حزب الله، ويتحكم في قراراتها؛ ولبنان يعاني من ضائقة مالية خانقة جعلته على شفير الإفلاس، وهو الآن أكثر من أي وقت مضى في حاجة ماسة وملحة لمساعدات مالية من الخارج ليتمكن من مواجهة أزمته المالية. وغنيٌ عن القول أن لبنان تربطه خلافات مضطربة عميقة مع الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة ودول الخليج، جراء مواقف حزب الله العدائية مع تلك الدول، وقد صنفته أغلب هذه الدول على أنه منظمة إرهابية، وليس من المنتظر أن تتعامل الدول الخليجية مع إزمته المالية بإيجابية، لاسيما مع حكومة يديرها ويسيِّرها ويسيطر على قراراتها هذا الحزب الإرهابي. كما أن هذا التصنيف الجديد سينعكس بشكل سلبي على أي إعانات أو قروض يُمكن أن تقدمها الدول الأوربية الفاعلة للبنان، إضافة إلى أن الولايات المتحدة ستعتبر هذه الحكومة حكومة تكتنفها بعض الشكوك حول علاقتها بدعم الإرهاب، لسيطرة الحزب على هذه الحكومة، بل وفي بعثاتها الدبلوماسية، والتي بلا شك سيستغلها الإيرانيون من خلال حزب الله لتنفيذ نشاطاتهم الإرهابية. من هذه الزاوية تأتي خطورة هذا التصنيف الجديد للحزب، وإلا فالبريطانيون يدركون أن حزب الله لا يمكن أن يكون له نشاطات معلنة باسمه، أو باسم أحد كوادره، وهذا يعني أن القضية تنحصر في القروض والمعونات المالية التي من المزمع أن تطلبها حكومة لبنان الجديدة من المجتمع الدولي. لذلك فإن الرئيس عون، وكذلك صانع قراراته صهره جبران باسيل، يجب أن يأخذا هذا القرار في الاعتبار، فيبدو أن أي حكومة من لون واحد يسيطر عليها حزب الله وحلفاؤه لن يكون في مقدورها إنقاذ لبنان من أزمته المالية المتفاقمة، فسيكون هناك (فيتو) غربي على مد يد العون لأي حكومة جديدة يشارك فيها هذا الحزب الإرهابي؛ خاصة وأنه يتحكم فيها ويوجه سياساتها من وراء الكواليس.
من هنا يمكن القول إن لبنان بحكومته الجديدة محكوم عليها بالفشل منذ البداية لأنها لن تجد من ينقذها من أزمتها المالية التي تَشلُّ قدرتها على الحركة.
إلى اللقاء