د. أحمد الفراج
من الواضح أن الضربة العسكرية - التقنية، التي أودت بحياة قاسم سليماني كانت قاصمة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، فهي تشبه الضربات الخطّافية السريعة، التي تشل أركان الملاكم، وهو في أوج عنفوانه، وهي لم تكن ضربة عسكرية وحسب، بل معنوية، فسليماني هو الذراع القوية للمرشد الأعلى، وهو يده التي يبطش بها، كما أنه العقل المدبر للتوسع والقمع، وصحيح أنه ليس الجنرال الوحيد، ولكنه أهم الجنرالات، ولعلكم تذكرون أنه كان الوجه، الذي ترعب به إيران كل من يعترض على وجودها، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما أنه رمز القمع في الداخل الإيراني، وبالتالي فإن عالم المرشد الأعلى خاميني انهار فجأة، وبشكل لم يتوقعه أبدًا، فهو كان على يقين بأن الرئيس ترمب لن يجرؤ على ارتكاب عمل كهذا، من الممكن أن يقود إلى حرب شاملة في المنطقة، وهي القراءة، التي لم تفهم شخصية ترمب، ولم تدرك ما يعنيه وجود صقر جمهوري وشعبوي أيضًا.
الرئيس ترمب وعد ناخبيه بأنه لن يدخل في حرب، ولكنه في ذات الوقت صقر جمهوري، جعل الجيش الأمريكي من أهم أولوياته، إن لم يكن أهمها، وذلك عبر الدعم الهائل لميزانياته، ولئن كان قد صمت على إسقاط طائرة أمريكية، وعلى ضرب منشآت النفط، فإنه لم يكن ليتسامح أبدًا مع ضرب قاعدة عسكرية فيها جنود أمريكيون، ووفاة وإصابة بعضهم، ويمكننا القول، كما قال مغرد أمريكي، إن قاسم سليماني وعلي خاميني اعتقدا أن الأسد الأمريكي قد مات، وفات عليهما أن الأسد كان نائمًا، وعندما تقترب من الأسد النائم فإنه يغضب، وعندما يغضب الأسد، تكون نتائج ذلك وخيمة على من يقترب منه، وهذا بالضبط ما فعله سليماني، عندما أطلق صواريخ نحو القاعدة العسكرية، ثم أمر الميليشيات باقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، ولذا جاءت نهايته بشكل أسرع مما توقع خاميني، الذي مهما أبدى من تماسك، فإنه لن يستطيع أن يعود قويّا، كما كان قبل أن يتم قطع ذراعه القوية، قاسم سليماني!.