د. خيرية السقاف
عمليات ذهنك التلقائية تحرجك حين لا تكون في حالة أخرى غير التي تستحوذ عليها، وتحتويها..
تضع رقمًا سابقًا وأنت تسجل رقم السنة من العام مثلاً حين يندفع قلمك لوضع 19 بعد العشرين بدلا من 20..
فأنت لا تزال في احتواء سنة مضت، كنت في كل يوم تسجلها في ورقك، تقنن فيها مواعيدك، تؤكد اليوم فيها، والشهر منها لتوثيق إنجازك على اختلاف تفاصيله وإن كان عيادة مصحة، أو لقاء عمل، أو زيارة صاحب..
أو لتعتني بوقتك الذي لا تحرص على ألا تنساه، أو تود ألا يسقط مع الزمن عن ذاكرتك..
أو ربما كنت تفكر كثيرًا في قادم أيام فتسجلها وأنت في غيرها..
يقاس على هذا عديد من حالات هيمنة رواسخ تبقى فيك، وأنت لا تقوى على استبعادها عند حضور ما استجد عنها كان أرقامًا، أو عبارات، أو كلمات، بل حتى أسماءً،
إنك أيضًا في حال هذه الهيمنة تذهب تنادي شخصًا باسم آخر تعودت أن تكرر اسمه في البيت، أو العمل، أو الرفقة، وفي الاهتمام..
كل هذا يضاف إليه حالتك وأنت مغمور بما يُستشرف مما ذهنك مشغول به..
مثل هذه الهيمنة الذهنية تحرجك في مواقف تأخرك عن موعد، أو انتظارك له،
حين تكون قد سجلته خطأ تدوينًا، أو في الذاكرة،
فإما أن يوقعك في تخلف عن، أو يجعلك في عجلة وقت لم يحن، ناهيك عن اضطرارك لأن تقدم الأعذار، أو تتلقى اللوم، حين يقودك «التعوُّد» بتلقائيته، والذهن باستشرافه لأن تفقد، أو تنأى..
والحقيقة إن المرء كلُّه تكوين معقد، ومكنون مدهش، لو تأمل نفسه بكل تفاصيل تركيبها، ومحتواها.......
لأفنى عمره يبحر فيها..
ولن يبلغ شاطئها!!..