د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
يأتي معظم الإنتاج الاقتصادي في العالم من قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، ويلعب الأخير على وجه الخصوص دورًا في الاقتصاد العالمي أكبر بكثير مما قد يظنه كثيرون، وهو ما ينعكس بشكل واضح على نسبة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي للدول في العالم، حيث تمثل الخدمات ما لا يقل عن 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في أكثر من نصف دول العالم ونحو 65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
يمثل هذا القطاع نحو 77 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بناتج 15.1 تريليون دولار وتمثل العمالة به 79.14 في المائة من إجمالي العمالة وفقًا لأرقام وتحليل البنك الدولي، ورغم تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلا أن أداء هذا القطاع جيد في الولايات المتحدة.
وتأتي الصين ثانيًا بناتج 6.3 تريليون دولار، ثم اليابان بناتج 3.4 تريليون دولار، لكنه يقل في الهند عن الصين بنحو 1.3 تريليون دولار، وتعتمد واشنطن على هذا القطاع كيد طولى في السيطرة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية رغم أن الصين بدأت تزاحم الولايات المتحدة على عرش قطاع الخدمات عالميًا.
ووفقًا لأرقام البنك الدولي فإن السعودية تأتي في المركز الأول عربيًا من حيث ناتج قطاع الخدمات في 2108 بنحو 358.7 مليار دولار، ثم دولة الإمارات بنحو 179.3 مليار دولار، ثم مصر بنحو 128.9 مليار دولار، بالطبع إذا ما قورنت بالدول التي في حجم السعودية ومصر فألمانيا يقدر ناتج قطاع لخدمات بنحو 2.3 تريليون دولار، وفي بريطانيا نحو 1.9 تريليون دولار، وفي فرنسا 1.8 تريليون دولار، وفي إيطاليا نحو 1.3 تريليون دولار، وفي إسبانيا نحو 868.8 مليار دولار.
ووفق مستهدفات رؤية 2030 أن تتقدم السعودية لوجستيًا من المرتبة الـ 49 إلى 25 عالميًا والأولى إقليميًا، فتم تدشين أكبر قرية شحن نموذجية تعمل بالكامل في 2021 في مطار الملك خالد الدولي من أجل أن تصبح ضمن أهم مناطق الخدمات اللوجستية عالميًا بطاقة استيعابية تقدر بنحو مليون و600 ألف طن سنويًا وبطاقة تشغيلية للنقل السريع بنحو 40 ألف طن سنويا، وعلى مساحة تقدر بنحو 275 ألف متر مربع لتتحول إلى مزود رائدًا للخدمات اللوجستية إقليميًا وعالميًا، ونسبة العمل حاليًا تبلغ بين 30 و40 في المائة وستعمل بكامل طاقتها الاستيعابية بحلول عام 2021 وبلغ عدد شركات الشحن السريع نحو 6 شركات وستستقطب المزيد من شركات الشحن المحلية والعالمية وتنمية الحركة الجوية وتحسين الخدمات التي ستوفر فرص عمل جديدة.
ستعزز القرية الكفاءة التشغيلية في مجال الشحن، وتحسين عملية التكامل اللوجستي (SAL) على المستويين الإقليمي والدولي بما يؤدي إلى تعزيز مكانة السعودية وجعلها مركزًا لوجستيًا إقليميًا فريدًا من نوعه مستفيدة من موقعها الجغرافي الإستراتيجي بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث.
وحتى الآن يعد مطارا الملك خالد والملك عبد العزيز من أكبر المطارات عملاً في مجال اللوجستيات بنحو 80 في المائة من العمليات، وهو يجري العمل حاليًا على إعادة تصميم مطار أبها على طرح المشروع بعد إتمام الدراسات لينضم إلى هذين المطارين في العمل في مجال الخدمات اللوجستية، حيث لا تزال الطاقة الاستيعابية لمطار عسير ما بين 8 و 10 ملايين مسافر سنويًا، وستتجه الدولة نحو تطوير مطارات أخرى مثل مطار الخفجي ودراسة الجدوى الاقتصادية في قدرته على خدمة المنطقة وغيره من المشاريع التي هي في طور الدراسة خصوصًا أن هناك توجهًا نحو بناء مطارات جديدة لزيادة الطاقة الاستيعابية بما يخدم المرحلة الجديدة التي تستقطب السياح والمسافرين.
أعلنت هيئة الطيران أن عدد المسافرين على الرحلات الدولية تجاوز عدد المسافرين داخليًا في 2018 لأول مرة منذ تأسيس الشركة الذي بلغ 34 مليون مسافر نحو 17 مليون مسافر على القطاع الدولي، وتتجه الدولة نحو تمكين 15 مليون زائر من أداء فريضة العمرة سنويًا بحلول 2020 ونحو 30 مليونًا بحلول 2030 والجهود مستمرة في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 ونتيجة مواصلة الجهود نفسها استطاعت دبي الاحتفال برقم مليار مسافر في نهاية 2018 وحققت المركز الأول عالميًا كأكبر مطارات العالم إشغالاً من حيث المسافرين للسنة الرابعة على التوالي في 2017 وهي في منطقة الخليج والسعودية تمتلك مقومات واسعة تمكنها من احتلال مراكز متقدمة عالميًا مستقبلاً.